نجاح القاري لصحيح البخاري

{ألم تر}

          ░░░105▒▒▒ (سُوْرَةُ {أَلَمْ تَرَ}) كذا في الرِّوايات، وتُسمَّى: سورة الفيل، وهي مكيَّة، وهي ستة وتسعون حرفًا، وعشرون كلمة، وخمس آيات.
          ({أَلَمْ تَرَ} أَلَمْ تَعْلَمْ) كذا في رواية غير أبي ذرٍّ، وفي روايته عن المستملي: <قال مجاهد: {أَلَمْ تَرَ} ألم تعلم> وليس هذا من تفسير مجاهدٍ، فالصَّواب إسقاط قوله: <قال مجاهد>.
          وقال الفرَّاء: {أَلَمْ تَرَ} ألم تُخْبَر عن الحبشة والفيل، وإنَّما قال ذلك؛ لأنَّه صلعم لم يُدْرك قصَّة أصحاب الفيل؛ لأنَّ مولده صلعم كان في تلك السَّنة، وهو صلعم وإن لم يشهدها فقد شاهدَ آثارها وسمع بالتَّواتر أخبارها فكأنَّه رآها.
          ({أَبَابِيلَ}: مُتَتَابِعَةً مُجْتَمِعَةً) وفي نسخة: <قال مجاهد: {أَبَابِيلَ}...إلى آخره> أشار به إلى قوله تعالى: {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ} [الفيل:3] وفسَّر: الأبابيل بقوله: «متتابعةٌ مجتمعة»، وصله الفريابيُّ عن مجاهدٍ في قوله {أَبَابِيلَ} قال: شتَّى متتابعة مجتمعة.
          وقال الثَّعلبي: {أَبَابِيلَ} كثيرة متفرِّقة يتبع بعضُها بعضًا. وعن عبد الرَّحمن بن أبزى: كالإبل المؤبَّلة. وعن ابن عبَّاس ☻ : كانت طيرًا لها خراطيمُ كخراطيم الطَّير، وأكفٌّ كأكف الكلاب.
          وعن عكرمة: لها رؤوسٌ كرؤوس السِّباع لم تر قبل ذلك وبعده. وعن الرَّبيع: لها أنيابٌ كأنيابِ السِّباع، وقال الفرَّاء: أبابيل لا واحدَ لها مثل عباديد.
          وقال النَّسفي في «تفسيره»: {أَبَابِيلَ} جمع: أَبَالَة بالتخفيف، وقيل: بالتشديد، وقيل: أبول عجول وعجاجيل.
          (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) ☻ ({مِنْ سِجِّيلٍ}: هِيَ سَنْكِ وَكِلْ) أي: قال ابن عبَّاس ☻ في قوله تعالى: {تَرْمِيْهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} [الفيل:4] هي سَنْكِ وَكِلْ، بالفارسية، وسَنْكِ _بفتح السين المهملة وإسكان النون بعدها كاف صماء_ بمعنى: الحجر، وَكِل _بكسر الكاف الصَّمَّاء، وسكون اللام_ بمعنى الطِّين.
          وصله الطَّبري من طريق السُّدي عن عكرمة عن ابن عبَّاس ☻ قال: هو سَنْكِ وَكِلْ: طينٌ وحجارة. وقد تقدَّم في تفسير «سورة هود».
          ووصله ابن أبي حاتم من وجهٍ آخر عن عكرمة / عن ابن عبَّاس ☻ ، ورواه جرير بن حازم عن يعلى بن حكيم عن عكرمة. وروى الطَّبري من طريق عبد الرحمن بن سَابط قال: هي بالأعجميَّة: سَنْكِ وَكِلْ.
          ومن طريق حصين عن عكرمة قال: كانت ترميهم بحجارةٍ معها، فإذا أصابت أحدهم خرج به الجدري، وكان أوَّل يومٍ رُئي فيه الجدري. وقيل: السِّجِّيل الدِّيوان الَّذي كتب فيه عذاب الكفَّار، والمعنى: ترميهم بحجارةٍ من جملة العذاب المكتوب المدوَّن ممَّا كتب الله في ذلك الكتاب.