نجاح القاري لصحيح البخاري

سورة الصف

          ░░░61▒▒▒ (سُورَةُ الصَّفِّ) سُمِّيت به لقوله تعالى: {يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيْلِهِ صَفًّا} [الصف:4]، وتُسمَّى: سورة الحواريِّين.
          قال أبو العبَّاس: مدنيَّةٌ بلا خلافٍ، وذكر ابن النَّقيب عن ابن بشَّار أنَّها مكيَّة، وقال السَّخَّاوي: نزلت بعد التَّغابن وقبل الفتح، وهي تسعمائة حرفٍ، ومائتان وإحدى وعشرون كلمة، وأربع عشرة آية.
          (╖) لم تثبت البسملة إلَّا في رواية أبي ذرٍّ (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [الصف:14]: مَنْ يَتَّبِعُنِي) بتشديد الفوقية بعد التحتية، وفي رواية أبي ذرٍّ عن الكُشميهني: <من تبعني> بصيغة الماضي (إِلَى اللَّهِ) أي: قال مجاهدٌ في تفسير قوله ╡: { كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ } [الصف:14] من يتبعني إلى الله، وقد وصله الفريابيُّ بلفظه.
          وقال أبو عبيدة: {إِلَى} بمعنى في؛ أي: من أنَّصاري في الله، وقيل: بمعنى مع، فالمعنى: من يضيف نصرته إلى الله، وقال الدَّاوديُّ: يحتمل أن يكون لله وفي الله.
          وأخرج الطَّبري من طريق مَعمر عن قتادة: أنَّ الحواريين من أصحاب النَّبي صلعم كلُّهم من قريشٍ، فسمَّى العشرة المشهورين إلَّا سعيد بن زيد وحدَه، وحمزة، وجعفر بن أبي طالب، وعثمان بن مَظْعون.
          (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) ☻ ({مَرْصُوصٌ} [الصف:4]: مُلْصَقٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ) أي: قال ابن عبَّاس ☻ في قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف:4] ملصقٌ بعضه ببعض، وفي رواية أبي ذرٍّ: <ملصقٌ بعضه إلى بعضٍ>.
          وروى ابنُ أبي حاتم من طريق ابن جُريج عن عطاء عن ابن عبَّاس ☻ في قوله: {كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف:4] مثبتٌ لا يزول، ملصقٌ بعضه ببعض. فعلى تفسير ابن عبَّاس ☻ : هو من التَّراصِّ؛ أي: التَّضام مثل تراصِّ الأسنان، أو من الملائم الأجزاء المستوي.
          (وَقَالَ غَيْرُهُ) أي: غير ابن عبَّاسٍ ☻ ، وفي رواية أبي ذرٍّ والنَّسفي: <وقال يحيى>، وهو ابنُ زياد بن عبد الله الفراء (بِالرَّصَاصِ) بفتح الراء ويجوز كسرها، وهو كلامه / في معاني القرآن ولفظه في قوله: {كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف:4] يريد بالرَّصاص: حثَّهم على القتال، ورجَّح الطَّبري الأوَّل.