نجاح القاري لصحيح البخاري

الجاثية

          ░░░45▒▒▒ (سُوْرَةُ {حم} الْجَاثِيَةِ) كذا في رواية أبي ذرٍّ، وفي رواية غيره: <الجاثية> فقط، وفي بعض النسخ: <ومن سورة الجاثية> وهي مكيَّة لا خلاف فيها، وهي ألفان ومائة وإحدى وتسعون حرفًا، وأربعمائة وثمان وثمانون كلمة، وسبع وثلاثون آية.
          (╖) سقطت البسملة لغير أبي ذرٍّ ({جَاثِيَةً}: مُسْتَوْفِزِينَ عَلَى الرُّكَبِ) أشار به إلى قوله تعالى: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً} [الجاثية:28] وفسَّرها بقوله: «مستوفزين على الركب»، كذا في النُّسخ، وهو قول مجاهد، وصله الطَّبري من طريقه. وقال أبو عبيدة في قوله: ((جاثية)) على الركب، ويُقال: استوفز في قعدته: إذا قعد قعودًا منتصبًا غير مطمئنٍ، وذلك من هول ذلك اليوم.
          (وَقَالَ مُجَاهِدٌ) سقط في رواية أبي ذرٍّ قوله: <وقال مجاهد> ({نَسْتَنْسِخُ}: نَكْتُبُ) أي: قال مجاهدٌ في قوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية:29] ؛ أي: نكتب عملكم، وقد وصله عبد بن حميد عن عمر بن سعد عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد. وقد أخرج ابن أبي حاتم معناه عن مجاهد. وفي «التفسير»: معناه: نأمر بالنَّسخ، وعن الحسن معناه: نحفظ، وعن الضَّحَّاك: نثبت.
          ({نَنْسَاكُمْ}: نَتْرُكُكُمْ) أشار به إلى قوله تعالى: {وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ} [الجاثية:34] وفسَّره بقوله: «نترككُم»؛ أي: نترككم كما تركتُم الإيمان والعمل ولقاء هذا اليوم، ولم يكن تركهم إلَّا في النَّار، وهو قول أبي عبيدة. وقد وصله عبد الرَّزَّاق عن مَعمر عن قتادة في قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ} قال: اليوم نترككُم كما تركتم. وأخرجه ابن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عبَّاس ☻ أيضًا، وهو من إطلاقِ الملزوم وإرادة اللَّازم؛ لأنَّ من نسيَ فقد ترك من غير عكس. والمعنى: نترككُم في العذاب ترك ما ينسى.