نجاح القاري لصحيح البخاري

{والعصر}

          ░░░103▒▒▒ (سُوْرَةُ {وَالْعَصْرِ}) وهي مكيَّة، وهي ثمانية وستون حرفًا، وأربع عشرة كلمة، وثلاث آيات، / والعصر: اليوم أو اللَّيلة (1)، كذا روي عن ابن كيسان. قال الشاعر:
وَلَمْ يَلْبَثِ العَصْرَانِ يَوْمًا وَلَيْلَةً                      إِذَا طَلَبَا أَنْ يُدْرَكَا مَا تَيَمَّمَا
          وقال عبد الرَّزَّاق عن معمر: قال الحسن: العصر العشي. وقال قتادة: ساعة من ساعات النَّهار. وعن مقاتل: صلاة العصرِ هي الوسطى.
          (وَقَالَ يَحْيَى) هو: ابنُ زياد الفرَّاء (العَصْرُ: الدَّهْرُ، أَقْسَمَ بِهِ) أي: قال يحيى في تفسير قوله تعالى: {وَالْعَصْرِ}؛ أي: الدَّهر أقسم الله تعالى به؛ لاشتماله على الأعاجيب والعبر، وقيل: التَّقدير: ورب العصر، وسقط في رواية أبي ذرٍّ: <وقال يحيى> ووقع: <والعصر: الدَّهر أقسم به> وهذا كلامه في «معاني القرآن».
          (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {خُسْرٍ} ضَلالٍ: ثُمَّ اسْتَثْنَى إلاَّ مَنْ آمَنَ) أي: قال مجاهدٌ في قوله تعالى: {إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِيْ خُسْرٍ} [العصر:2] ؛ أي: في ضلالٍ، ثمَّ استثنى قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِيْنَ آمَنُوا}.
          قال المفسِّرون: فإنَّهم ليسوا في خسرٍ، ولم يثبت هذا إلَّا في رواية النَّسفي. وقال الثَّعلبي: خسرانٌ ونقصانٌ. وعن الأخفش: هلكة، وعن الفرّاء: عقوبةٌ.
          وفي «العيون» أنَّ هذه السُّورة نزلتْ حين أسلم أبو بكر ☺، وقال الكفَّار له: خسرتَ يا أبا بكرٍ بترك دينِ آبائك، وقال أبو بكر ☺: ليس هذا خسرانًا، وإنَّما الخسران في عبادة الأصنام.
          وروي: أنَّ قوله: {إِلَّا الَّذِيْنَ آمَنُوا} أبو بكر {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} عمر {وَتَوَاصَوا بِالْحَقِّ} عثمان {وَتَوَاصَوا بِالصَّبْرِ} علي ♥ .
          قال الحافظ العسقلاني: لم أر في تفسير هذه السُّورة حديثًا مرفوعًا صحيحًا، لكن ذكر بعضُ المفسرين فيها حديث ابن عمر ☻ فيمن فاتته صلاة العصرِ، وقد تقدَّم في «صفة الصَّلاة» مشروحًا [خ¦552].


[1] في فتح الباري اليوم والليلة.