نجاح القاري لصحيح البخاري

المدثر

          ░░░74▒▒▒ (سُورَةُ الْمُدَّثِّرِ) وهي مكيَّةٌ، وهي ألفٌ وعشرة أحرف، ومائتان وخمس وخمسون كلمة، وستٌّ وخمسون آية. وقال الثَّعلبي: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ} [المدثر:1] أي: في القطيفة، والجمهور على أنَّه المدَّثر بثيابه.
          وقرأ أبيُّ بن كعب ☺: بإثبات المثناة الفوقية المفتوحة بغير إدغامٍ كما تقدَّم في المزمل. وقرأ عكرمة فيهما: بتخفيف الزاي والدال اسم فاعل.
          (╖) لم تثبت البسملة إلَّا في رواية أبي ذرٍّ (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) ☻ ({عَسِيرٌ} شَدِيدٌ) أي: قال ابن عبَّاس ☻ في قوله تعالى: {فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ} [المدثر:9] أي: شديد. وصله ابن أبي حاتمٍ من طريق عليِّ بن أبي طلحة عن ابن عبَّاسٍ ☻ به، وعن زرارة بن أبي أوفى قاضي البصرة: أنَّه صلَّى بهم الصُّبح فقرأ هذه السُّورة، فلمَّا وصل إلى هذه الآية شهق شهقةً ثمَّ خرَّ ميتًا.
          ({قَسْوَرَةٍ}) بالجر، وفي رواية أبي ذرٍّ: بالرفع (رِكْزُ النَّاسِ وَأَصْوَاتُهُمْ) بكسر الراء وآخره زاي، أشار به إلى قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ. فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} [المدثر:50-51]، وفسَّر القسورة: بركْز النَّاس وأصواتهم. وصله سفيان بن عُيينة في «تفسيره» عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عبَّاس ☻ ، قال: هو رِكْز النَّاس وأصواتهم. قال سفيان: يعني: حِسُّهم وأصواتهم.
          (وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) ☺ (الأَسَدُ وَكُلُّ شَدِيدٍ قَسْوَرَةٌ) وزاد النَّسفي:<وقَسْوَر> روى عبد بن حُميد من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال: كان أبو هريرة / ☺: إذا قرأ: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ. فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} [المدثر:50-51] قال: [القسورة]: الأسد. وهذا منقطعٌ بين زيدٍ وأبي هريرة ☺.
          وقد أخرجهُ من وجهين آخرين عن زيد بن أسلم عن ابن سيلان عن أبي هريرة ☺، وهو متَّصلٌ من هذا الوجه، وأخرجهُ البزار.
          وجاء عن ابن عبَّاس ☻ : أنَّه بالحبشيَّة أخرجهُ ابن جرير من طريق يوسف بن مهران عنه قال: القسورة الأسد بالعربيَّة، وبالفارسيَّة شير، وبالحبشيَّة قسورة.
          وأخرج الفرَّاء من طريق عكرمة أنَّه قيل له: القسورة بالحبشيَّة الأسد فقال: القسورة الرُّماة، والأسد بالحبشيَّة عنبسة. وأخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عبَّاس ☻ ، وتفسيره بالرُّماة أخرجه سعد بن منصور وابن أبي حاتم والحاكم من حديث أبي موسى الأشعري ☺.
          ووقع في رواية أبي ذرٍّ هكذا: <{عَسِيْرٌ} شديد. قسورةُ: ركز النَّاس أصواتهم وكلُّ شديدٍ قسورة قال أبو هريرة: القسورة الأسد. الركز الصَّوت> وهو مأخوذٌ من القسر وهو الغلبة.
          ({مُسْتَنْفِرَةٌ} نَافِرَةٌ مَذْعُورَةٌ) أشار به إلى قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ} [المدثر:50] وفسَّرها بقوله: «نافرةٌ مذعورة» _بالذال المعجمة_؛ أي: مخافة. قال أبو عُبيدة في قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ} أي: مذعورةٌ ومستنفرةٌ نافرةٌ، يريد أنَّ لها معنيين وهما على القراءتين، فقد قرأها نافعٌ وابن عامر: بفتح الفاء، الباقون: بكسرها.