نجاح القاري لصحيح البخاري

لقمان

          ░░░31▒▒▒ (سُورَةُ لُقْمَانَ) مكيَّة قيل: إلا آية: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [لقمان:4] لأن وجوبها بالمدينة، قاله الحسن وضعف لأنَّه لا ينافي شرعيتها بمكَّة، واختلف أيضًا في آيتين: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} [لقمان:27] فذكر السُّدي أنَّها نزلت بالمدينة، وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان:34] نزلت في رجل من محارب بالمدينة.
          وقال ابنُ النَّقيب: قال ابن عبَّاس ☻ هي مكيَّة إلَّا ثلاث آيات نزلنَ بالمدينة، وهي أربعُ وثلاثون آية، وخمسمائة وثمان وأربعون كلمة، وألفان ومائة وعشرة أحرف.
          ولقمان اسم أعجمي، وهو: ابنُ باعوراء بن ناحور بن تارح، وهو: آزرُ أبو إبراهيم ◙، / وقال السُّهيلي: لقمان بن عنقاء بن سرون عاش ألف سنة، وأدرك داود ◙ وأخذ عنه العلم، وكان يفتي قبل مبعث داود ◙، فلمَّا بُعث داود ◙ قطع الفتيا، وقيل: كان تلميذاً لألف نبي، وعند ابن أبي حاتم عن مجاهد: كان عبدًا أسود عظيم الشهتين، مشقق القدمين، وعن ابن عباس كان عبدًا حبشيًّا نجارًا، وقال سعيد بن المسيَّب: كان من سودان مصر ذو مشافر، أعطاه الله الحكمة، ومنعه النبوَّة.
          وعن جابر بن عبد الله: كان قصيرًا أفطس من النوبة، وقال ابنُ قتيبة: لم يكن نبيًا في قول أكثر النَّاس، وكان رجلًا صالحًا، وعن ابن المسيَّب: كان خيَّاطًا، وعن الزجَّاج: كان نجادًا _بالدال المهملة_، كذا هو بخط جماعة من الأئمَّة، وقيل: راعيًا.
          وقال الواقديُّ: كان يحكمُ ويقضي في بني إسرائيل ما بين عيسى ◙ ومحمَّد صلعم ، وعند الحوفي عن عكرمة: كان نبيًا، وهو قد تفرَّد بهذا القول، والأصح أنَّه لم يكن نبيًا بل كان حكيمًا، وممَّا ذكر من حكمته أنَّه أُمر بأن يذبحَ شاة، ويأتي بأطيب مضغتين منها فأتى باللِّسان والقلب، ثمَّ بعد أيام أُمر بأن يأتيَ بأخبث مضغتين فأتى بهما أيضًا، فسُئل عن ذلك فقال: هما أطيبُ شيءٍ إذا طابا، وأخبثه إذا خَبُثا.
          وقال وهب بن منبِّه: كان ابن أخت أيوب ◙ أو ابن خالته، وقال مقاتل: ابن خالة أيُّوب ◙، واسم ابنه: أنعم، وكان كافرًا فما زال حتَّى أسلم، وقيل: مشكم، وقيل: ماثان، وقيل: ثاران.