نجاح القاري لصحيح البخاري

{تنزيل} السجدة

          ░░░32▒▒▒ (سُورَةُ السَّجْدَةِ) كذا في رواية أبي ذرٍّ والنَّسفي، وفي رواية غيرهما: <تنزيل السَّجدة>، قال مقاتل: هي مكيَّة وفيها من المدني: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة:16] الآية، فإنها نزلت في الأنصار، وقال السَّخاوي: نزلت بعد: {قَدْ أَفْلَحَ} [المؤمنون:1] وقبل الطُّور، وهي ألف وخمسمائة وثمانية عشر حرفًا، وثلاثمائة وثمانون كلمة، وثلاثون آية.
          (╖) سقطت البسملة في رواية النَّسفي. (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مَهِينٍ}: ضَعِيفٍ: نُطْفَةُ الرَّجُلِ) أي: قال مجاهد في قوله تعالى / : {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} [السجدة:8] أي: ضعيف، ثمَّ قال: الماء المهين: نطفة الرَّجل، وصله ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نَجيح عن مجاهد في قوله: {مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} قال: ضعيف، وللفريابي من هذا الوجه في قوله: {مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} قال: نطفة الرَّجل.
          ({ضَلَلْنَا}: هَلَكْنَا) أشار به إلى قوله تعالى: {وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} [السجدة:10] وفسَّر بقوله: «هَلَكنا»، وصله الفريابي من طريق ابنِ أبي نَجيح عن مجاهد في قوله تعالى: {وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} [السجدة:10] قال: هلكنا، وقال غيره: صرنا ترابًا، وهو راجعٌ إلى قول مجاهد؛ لأنَّه يُقال: أضلَّ الميِّت إذا دُفن، وأضللته: إذا دفنته.
          (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) ☻ ({الْجُرُزُ}: الَّتِي لاَ تُمْطَرُ) وفي رواية أبي ذرٍّ والأصيلي: <لم تمطر> (إِلاَّ مَطَرًا لاَ يُغْنِي عَنْهَا شَيْئًا) أي: قال ابنُ عبَّاس ☻ في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا} [السجدة:27] الآية، وفسَّر: {الْجُرُزِ} بقوله: «التي لا تمطر... إلى آخره».
          وصله الطَّبري من طريق ابنِ أبي نَجيح عن رجل مجاهد عنه مثله، وذكره الفريابيُّ وإبراهيم الحربي في «غريب الحديث» من طريق ابنِ أبي نجيح، عن رجل، عن ابن عبَّاس ☻ كذلك زاد إبراهيم، وعن مجاهد قال: هي أرض أبين، وأنكر ذلك الحربي، وقال: أبين معروفة باليمن، فلعلَّ مجاهدًا قال ذلك في وقت لم يكن أبين تُنبت فيه شيئًا.
          وأخرج ابنُ عيينة في «تفسيره»: عن عمرو بن دينار عن ابن عبَّاس ☻ في قوله: {إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ} قال: هي أرضٌ باليمن، وقال أبو عبيدة: الأرض الجُرُز: اليابسة الغليظة التي لم يُصبها مطر، وأصله من قولهم: ناقة جُرُز: إذا كانت تأكلُ كلَّ شيء، ورجل جروز: إذا كان أكولًا، وسيف جرز؛ أي: قاطع.
          ({يَهْدِ}: يُبَيِّنُ) أشار به إلى قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ} [السجدة:26] وفسَّر: {يَهْدِ} بقوله: «يُبين»، أخرج الطَّبري من طريق عليِّ بن أبي طلحة عن ابن عبَّاس ☻ في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ} قال: أو لم يبين لهم، وقال أبو عبيدة / في قوله: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ} أي: يبيِّن لهم، وهو من الهدى.