حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: خذي أنت وبنوك ما يكفيك بالمعروف

          94- قوله: (هِنْدٌ) [خ¦2211] بالصَّرْفِ وعدمِه، وهي بنتُ عُتْبةَ بنِ رَبِيْعةَ بنِ عَبْدِ شَمْسِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وهيَ زَوْجةُ أبي سُفْيان، وأسلمتْ عامَ الفَتْحِ، وماتتْ في خِلافةِ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ.
          قوله: (أَبا سُفْيَانَ) كُنيةُ زَوْجِها، واسمُه صَخْرُ بنُ حَرْبِ بنِ أُميَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسِ بنِ عَبْدِ مَنافٍ، وأسْلمَ يومَ الفَتْحِ ☺.
          قوله: (شَحِيْحٌ) بفتح الشِّين المعجمة، وبالحاءَيْن المهملَتَين، بينهما تَحتيَّةٌ ساكنةٌ: بخِيلٌ حَرِيْصٍ.
          قوله: (جُنَاحٌ) بضمِّ الجيم: إثْمٌ.
          قوله: (أَنْ آخُذَ)، (أَنْ) مصدريَّة، فما بعدها في تأويلِ مَصْدرٍ، أي: في الأخذ.
          وقوله: (سِرّاً) منْصوبٌ على التَّمْييز، أيْ: من جهةِ السِّرِّ، أو صفةٌ لمصْدَرٍ محذوفٍ، تقديرُه: / آخذُ أخذاً سِراً، أي: غير جَهْرٍ.
          قوله: (قَالَ) أي: النَّبيُّ صلعم.
          قوله: (وَبَنُوْكِ) بالرَّفْع عطْفاً على الضَّمير المرفوع في (خُذِي)، وإنَّما أتى بلفظِ (أَنْتِ) ليصح العَطْف عليه، وفيه خلافٌ بين نُحاة البَصْرة والكُوفةِ.
          ولأَبوَي ذَرٍّ والوَقْت والأَصِيْليِّ وابنِ عَساكرَ: بالنَّصْب على المفْعولِ مَعَهُ.
          قوله: (مَا يَكْفِيْكِ).
          فإن قُلتَ: مُقتضى المقام أن يقال: ما يكْفيكِ وما يكْفي بَنِيْكِ، أو ما يكفيكُم!؟
          أُجِيْبَ بأنَّ المعنى: ما يكْفيكِ لنفْسِك ولِبَنِيْكِ، وإنَّما اقتصرَ عليها لأنَّها الكافِلة لهم، وأحالَها ╕ على العرف فيما ليس فيه تحديدٌ شَرْعيٌّ.
          فإن قلْتَ: إنَّ هذه القصَّة كانت في مكَّة، وأبو سُفيانَ كان حاضِراً في البَلَدِ، فكيف حكمَ المُصطفى صلعم بأخذها منْ مالِه مَع حُضوره، ولا يصح الحكم على الحاضرِ في البَلَد مِن غَيْر حُضورِه!؟
          أُجِيْبَ بأنَّ هذا مِن قبيل الفتوى لا من قبيل الحكم، فلا يستدلُّ به على الحكم على الغائب، بلْ قال السُّهيليُّ(1): إنَّه كان حاضراً سُؤالها، فقال لها:
          «أَنْتِ في حِلٍّ ممَّا أَخَذْتِ».
          وهذا الحديثُ ذَكَرهُ البُخاريُّ في باب: مَن أَجرى أمْرَ الأمْصارِ على ما يتعارَفونَ بينهم في البُيوع والإجَارة والمكْيالِ والوَزْنِ، وسُننِهم على نيَّاتهم ومَذاهبِهم المشهورةِ.


[1] في الروض الآنف 7/240.