حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: الطاعون رجس أرسل على طائفة من بني إسرائيل

          190- قولُه: (رِجْسٌ) [خ¦3473] بالسِّيْن، والمحفوظُ بِزايٍ.
          وَوَجَّه القاضي الأوَّل(1) بأنَّ الرِّجْسَ يقَعُ على العُقُوبة أيضاً، وقد قال الفَارَابيُّ والجوْهَريُّ: الرِّجْسُ: العَذابُ.
          قوله: (على طَائِفَةٍ) وهُم قَوْمُ فِرْعَونَ، وكان إرْسالُه عليهم حينَ كثُر طُغْيانُهم.
          قوله: (أَوْ على مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ) أي: أوْ قالَ النَّبيُّ صلعم: (على مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ)، وهذا شكٌّ من الرَّاوي.
          قوله: (فَلَا تَقْدَمُوا) بسُكونِ القافِ، وفَتْحِ الدَّالِ، يقالُ: قَدِمَ منْ سَفَرهِ _بالكَسْر_ قُدُوْماً، ومَقْدَماً _أيْضاً_ بفَتْح الدَّال.
          والنَّهْيُ للتَّحْرِيمِ.
          قوله: (فَلَا تَخْرُجُوا) النَّهيُ للتَّحريْم أيضاً.
          وقوله: (فِرَاراً مِنْهُ) أيْ: لأجْل الفِرارِ من الطَّاعُوْنِ، فالخروجُ المنْهيُّ عنْه هو الذي لمجرَّد الفِرارِ، لا لغرَضٍ آخَر، فيُباح الخروجُ للغَرَضِ الآخَرِ كالتِّجارةِ.
          وقد نقلَ ابنُ جَرِيرٍ الطَّبريُّ، أنَّ أبا مُوسى الأشْعَريَّ كان يبعث بَنيْه إلى الأعْرابِ من الطَّاعُون، وكان الأَسْودُ بنُ هِلالٍ / ومَسْرُوقٌ يفرَّان منْه.
          وعن عَمْرِو بنِ العاص أنَّه قال: «تفَرَّقُوا مِن هذا الرِّجْزِ في الشِّعابِ والأوْدِيةِ ورُؤوس الجِبالِ».
          فلعلَّ النَّهْيَ لم يبلغْهم، أو فَهِموا أنَّ النَّهْيَ للتَّنْزِيه.
          ووردَ عَن عُمر بنِ الخطَّابِ ╩ أنَّه قال: «نَفِرُّ مِن قَدَرِ الله تعالى إلى قَدَرِ الله تعالى».
          وهذا الحديث ذكرهُ البخاريُّ في الباب السَّابق(2).


[1] المشارق 1/284.
[2] في باب حديث الغار في نسختي.