حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال اللهم جنبني الشيطان

          178- قولُه: (إذا أَتَى أَهْلَهُ) [خ¦3283] أي: زَوْجته، وهو كِنايةٌ عن الجِماع.
          ولأبي داوُد[2161]: «لَوْ أنَّ أحَدَكُمْ إذا أرادَ أنْ يَأْتي أَهْلَهُ».
          وعِنْد الإسْماعيليِّ، مِن رِوايةِ رَوْحِ بنِ القاسمِ، عَن منْصُورٍ: «لو أنَّ أحَدَكُم إذا جامَعَ امْرأته ذَكَر اللهَ».
          قولُه: (قَالَ: اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي) بإفْرادِ (جَنِّبْنِي).
          وفي طرِيقِ مُسْلمِ بنِ إسْماعيْلَ، عَن همَّامٍ، عنْ منْصوْرٍ، عَن سالِم بنِ أبي الجَعْدِ، عَن كُريْبٍ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ.
          وفي طرِيق عليِّ [خ¦141] بنِ المَدِيْنيِّ، عَن جَريرٍ، عنْ منْصورٍ قال: «بِسْم الله، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطانَ»، أي: أبعِدْه منَّا.
          قوله: (وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنِي) بالإفْرادِ / _أيضاً_ وفي الطَّريقَين السَّابِقَين بضميْر الجمْع، والمرادُ: بِما رزقْتَني الوَلَد، وإنْ كان اللَّفظُ عامّاً فيْه وفي غَيْره، أي: أبعدِ الشَّيطان مِن رِزْقِنا.
          قوله: (فَإنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ) وفي رِوايةٍ ذَكَرها البخاريُّ في الطَّهارة: «فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ»(1)، وفي أُخرى لَه هُنا: «فَرُزِقَاْ وَلَداً» [خ¦3271].
          قوله: (لم يَضُرَُّهُ الشَّيْطَانُ) بِضمِّ الرَّاءِ المشدَّدة وفَتْحِها، في بَدَنِه أوْ دِيْنِه، واستبعدَ لانتِفاءِ العِصْمةِ.
          وأُجِيبَ بأنَّ اخْتصاصَ مَن اختص بالعِصْمة بطرِيق الوُجوب لا بطَريق الجوازِ.
          أوْ لم يفتنه بالكُفر.
          أو لم يُشارِك أباه في جِماع أُمِّه، كما رُوي عنْ مُجاهِدٍ: «إنَّ الذي يُجامِع ولا يُسمِّي، يلْتفُّ الشَّيطانُ على إحْليلِه فيُجامع»(2).
          ورَوى الطَّرطوسيُّ(3) في باب تحريم الفواحش، باب من أيِّ شيءٍ يكون المخنث، بسَنَدِه إلى ابنِ عبَّاسٍ قال: «المُخنَّثوْنَ أولادُ الجِنِّ»، قيلَ لابنِ عبَّاسٍ: كيفَ ذاك؟!
          قال: «إنَّ اللهَ ╡ ورَسولَه صلعم نَهَيَا أنْ يأْتي الرَّجُلُ امْرأتَه وهي حائضٌ، فإذا أَتاها سبَقَه إليها الشَّيْطانُ فحملت، فجاءتْ بالمُخنَّثِ».
          وهذا الحديثُ ذَكَره البُخاريُّ في الباب السَّابقِ أيضاً.


[1] في الوضوء [خ¦141].
[2] ذكره النووي في رياض الصالحين؛ قبل ح 1446. وكذا ذكره ابن حجر في الفتح 9/229.
[3] لعله: الطرطوشي كما في الإرشاد للقسطلاني 4/293.