حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: لا ينفتل حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا

          16- قولُه: (عَنْ عَبَّادِ) [خ¦137] بفَتْح العَينِ، وتشديدِ الباءِ المُوَحَّدة، صحَابيٌّ، وعمُّه صَحابيٌّ أيضاً.
          قوْله: (عَنْ عَمِّهِ) اسمُه عبدُ الله بنُ زيدٍ(1)، فهي رِوايةُ صحابيٍّ عَن صحابِيٍّ.
          قوله: (أنَّهُ) يحتملُ أنَّ الضَّميْر للشَّأن وأنْ يكونَ عائداً على (عَمِّهِ)، وقَوله: (شَكَا) بالبناءِ للفاعلِ وللمفعولِ، و(الرَّجُلَ) بالنَّصْبِ مفعولٌ، وبالرَّفْع نائبُ فاعِل.
          فعلى الأوَّل، فضميرُ (أَنَّهُ) عائدٌ على العَمِّ.
          وعلى الثَّاني، فهو للشَّأنِ.
          ويَحتملُ بِناءُ (شَكَا) للفاعِل ورَفْعُ (الرَّجُلُ) على أنَّه فاعلٌ، وضمير (أنَّهُ) للشَّأن، أي: إنَّ الحالَ والشَّأنَ شَكَا الرَّجُلُ... إلى آخرِه.
          فالشَّاكي هُو الرَّجُلُ.
          وهذه الأوْجُه لعدَمِ العِلْم بالشَّاكي وإلَّا اتبع.
          قوله: (الَّذِي يُخيَّلُ إلَيْهِ) أي: يوهم إليه، أي: يوقع في وهمِه.
          وقوله: (أنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ) أي: الحدَث.
          وقولُه: (فِي الصَّلَاةِ) حالٌ منَ (الشَّيْءَ).
          قوْله: (لا يَنْتَقِلْ) بفَتْح التَّاءِ الفوقيَّة، وكسرِ القافِ، وفي رِوايةٍ: «لا يَنْفَتِلْ».
          وقوله: (أو: لَا يَنْصَرِفْ) شَكٌّ منَ الرَّاوي وهو عليُّ بنُ عبدِ الله المَديْنيُّ شيخُ البُخاريِّ.
          وقيل: عبدُ الله بنُ زيدٍ، أحدُ رِجالِ هذا الحدِيثِ عِنْد البُخاريِّ؛ لأنَّ الرُّواةَ غيرَه رَوَوْه عن سُفيانَ بلفْظِ: «لا يَنْصَرِفْ»، مِن غَيْرِ شَكٍّ.
          والألفاظُ الثَّلاثةُ بمعنًى واحد، وهو عَدَمُ الخُرُوج منَ الصَّلاة، والفِعْلُ مجزوْمٌ على النَّهي، ويجوزُ الرَّفْعُ على / أنَّ (لا) نافيةٌ.
          قوله: (حَتَّى يَسْمَعَ) أي: من الدُّبُرِ، وهو الضُّرَاطُ.
          وقوله: (أَوْ يَجِدَ رِيْحاً) أي: يَشِمُّه وهُو الفُسَاءُ، والمرادُ: إنَّه لا يَخرج منَ الصَّلاة إلَّا إذا تحقَّق الحدَث.
          والحديثُ ظاهرٌ فيمَن حصلَ له الشَّكُّ في الحَدَثِ داخل الصَّلاةِ.
          وأمَّا مَن حصلَ له ذلك وهو خارجٌ عنها فلا يدخل فيها بهذا الطُّهر المشكوك فيه، وليس كذلك عند الشَّافِعيَّة بدليلٍ آخَرَ اسْتَنَدَ إليه إمامُنا الشَّافعيُّ ╩.
          والحاصلُ: إنَّ الجُمهورَ قالوا: إنِ استمرَّ على شَكِّه ولم يتيقَّن الحدَث لا داخِل الصَّلاةِ ولا خارِجها فَصلاتُه صحيْحةٌ.
          ومذهبُ الإمام مالِكٍ أنَّ الشَّكَّ يؤثِّر مُطْلَقاً، سواءٌ كان داخلَ الصَّلاة أو خارِجَها ما لم يتبيّن له الطُّهر فيها أو خارجها، ويُروى عنه: إنَّ الشَّكَّ لا يؤثِّر إلَّا إذا كان خارجَ الصَّلاةِ، وأمَّا إذا كان داخلَ الصَّلاة فإنَّه لا يُؤثِّر.
          والمعتمدُ عِند المالِكيَّة التَّأثيرُ مُطْلَقًا، لكن إذا كان داخِلَ الصَّلاةِ لا يؤثِّر إلَّا إذا فَرَغَ منْها ولا يتبيّن له الطُّهر بلِ استمرَّ على شَكِّهِ.
          وأمَّا عندنا مَعاشر الشَّافعيَّة فلا يؤثِّر مُطْلقاً.
          وهذا الحدِيثُ ذَكرَه البخاريُّ في باب: لا يتوضأ من الشَّكِّ (2).


[1] كذا في «ز1» و«م»، وفي الأصل: يزيد.
[2] من هنا يبدأ السَّقط في الأصل.