حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: حق الجوار في قرب الأبواب

          243- قوله: (أُهْدِي) [خ¦6020] بضمِّ الهمْزَةِ، منَ الإهْدَاءِ، أي: أُعْطِي.
          قوله: (قَالَ) أي: النَّبيُّ صلعم.
          قوله: (أَقْرَبَهِمَا) أي: أشدُّهما قُرْباً.
          قيلَ: الحِكْمةُ فيه أنَّ الأقْربَ يَرى ما يَدْخُلُ بَيْتَ جارِه مِن هديَّةٍ وغيرها، فيَتَشوَّفُ لها بخلافِ الأبْعَدِ، ولأنَّ الأقرَبَ أسرعُ إجابةً لما يقع لجارِه من المهمَّات، ولاسِيَّما في أوْقاتِ الغَفْلةِ.
          وقالَ ابنُ أبي جَمْرَةَ(1): الإهْداءُ إلى الأقربِ منْدوبٌ؛ لأنَّ الهديَّة في الأصلِ ليستْ واجبةً، فلا يكون التَّرتيبُ فيها واجِباً.
          واختلفَ في حدِّ الجِوارِ:
          فعَن عليٍّ ☺: «مَنْ سمِعَ النِّداءِ فهُو جارٌ».
          وقيل: مَن صلَّى معكَ صلاةَ الصُّبْح في المسجِد فهو جارٌ.
          وعن عائشةَ: «حقُّ الجِوارِ أربعون داراً مِنْ كُلِّ جانِبٍ».
          وعن الأوْزاعيِّ مثلُهُ.
          وأخرجَ البُخاريُّ في «الأدَبِ المُفْرَدِ»[109] عن الحسنِ مِثْلَه.
          وللطَّبرانيِّ(2) بسندٍ ضَعيفٍ، عَن كَعْبِ بنِ مالكٍ مَرفُوعاً: «ألَا إنَّ أربعين داراً جارٌ».
          وأخْرجَ ابنُ وَهْبِ، عَن يُونسَ، عنِ ابنِ شِهابٍ: «أربَعُونَ داراً عَن يَميْنِه وعنْ يَسارِه، ومِن خَلْفِه ومِن بَيْن يَدَيْه»؛ وهذا يحتملُ أن يريد بِه كالأوَّل(3).
          ويحتملُ أنْ يُريد به التَّوزيعَ، فيكون من كُلِّ جانبٍ عَشَرةٌ.
          قولُه: (بَابَاً) منْصوبٌ على التَّمْييز لأفَعل التَّفْضيل.
          وهذا الحديثُ ذَكَره البخاريُّ في باب: حقّ الجِوار في قُرب الأبوابِ.


[1] كما في الفتح 10/447.
[2] في الكبير 15814.
[3] بهامش الأصل و«ز1»: أي: أربعون [بيت] مِن كلِّ جانب. اهـ.