حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذابًا يوم القيامة

          267- قوله: (لِأَهْوَنِ أهْلِ(1) النَّارِ) [خ¦6557] بكسرِ اللَّامِ، أي: لأَسْهَلِهم.
          قيلَ: إنَّ أهْوَنَ أهْلِ النَّارِ أَبو طالِبٍ.
          قوْله: (أَكُنْتَ) بهمْزة الاستفهامِ، وفتْحِ التَّاءِ.
          ولأبي ذَرٍّ بحَذْفِها.
          قوله: (تَفْتَدِي بِهِ) أي: من العذابِ.
          وقوله: (نَعَمْ) أي: كنتُ أفْدي نَفْسي بذلك.
          قوله: (فَيَقُوْلُ) أي: اللهُ تعالى: (أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ _أي: أسهل_ مِنْ هذا _أي: ممَّا في الأرضِ_ وأنتَ في صُلْبِ آدَمَ)، أي: حين أخَذْتُ عليك الميثاقَ.
          قولُه: (فَأَبَيْتَ): أي: امتنعتَ حين أبرزتُك إلى الدُّنيا.
          قوله: (إلَّا أنْ تُشْرِكَ بِي) استثناءٌ مُفرَّغٌ، أي: امتنعتَ مِن كلِّ شيءٍ إلَّا الشِّرْك بي فلَم تمتنع منْه، وإنَّما حذف المستثنى منْه مَع أنَّه كلامٌ موجبٌ؛ لأنَّ في الإباءِ معنى الامْتِناعِ، فيكون نَفْياً معنى، أي: ما اخترتَ إلَّا / الشِّرْك.
          وظاهرُ هذا الحديثِ يُوافق مَذْهَبَ المُعْتزِلةِ القائلين: إنَّ الشُّرور والقبائحَ واقعةٌ بغَيْر مُرادِ الله تعالى؛ لأنَّ معنى قولِه (فَأَبَيْتَ): خالَفْتَ مُرادي وأتيتَ بالشِّرْكِ الذي لم أرده مِنك!؟
          وأجيبَ بأنَّ المرادَ: أردتُ مِنْك التَّوْحيدَ وأنت في صُلْب آدَمَ، بقَرينةِ قولِه في الحديث: «وأَنْتَ في صُلْبِ آدَمَ» ولم أرد مِنْك الشِّرْك في هذه الحالة، وأمَّا في حالة الدُّنيا، فأردتُ مِنْك الشِّرْك ولم أرد مِنْك التَّوْحيد فيها.
          وأُجِيْبَ أيضاً بأنَّ الإرادةَ هُنا بمعنى الأمْرِ، أي: أمرتُكَ فلم تَفْعَلْ؛ لأنَّه سُبحانه وتعالى لا يكون في ملكِه إلَّا ما يُريد.
          وهذا الحديثُ ذَكَره البخاريُّ في باب: صِفَة الجنَّة والَّنارِ.
          وحديثُ ختم هذا المتْنِ مذْكورٌ في هذا الباب؛ لما مرَّ أنَّ المصنِّفَ يختمه بدُخُولِ أهْلِ الجنَّة الجنَّة.


[1] كذا في «ت» و«ز2» و«م»، وفي الأصل و«ز1» و«ز4» و«ز5»: من في.