حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: أما ما ذكرت من أهل الكتاب فإن وجدتم غيرها...

          213- قوله: (أَبِي ثَعْلَبَةَ) [خ¦5478] هذه كُنيتُه، واسمه جُرْثُوْمٌ، عِنْد الأكْثرِ.
          قوله: (الخُشَنِيِّ) بالخاءِ المعجمة المضمومة، والشِّين المعْجمة المفتوحة، نِسْبةٌ إلى خُشَيْنٍ، على غيرِ قِياسٍ، والقياسُ خُشَيْنيٌّ، بَطْنٌ مِن قُضاعةَ، كما قالَه البيْهقيُّ(1).
          قوله: (إنَّا) بكسرِ الهمْزة، وتشديد النُّوْن، يريد نفسَه وقبِيلتَه، والجملةُ معمولةٌ للقَول.
          قوله: (بِأَرْضِ قَوْمٍ) المرادُ بأرضِ الشَّام.
          وقوله: (أَهْلِ كِتَابٍ) بالجرِّ بَدَلٌ مِن (قَوْمٍ).
          وفي رِواية [خ¦5478]: «مِنْ أهْلِ الكِتَابِ»، بَيانٌ للقَوْم.
          قوله: (أَفَنَأْكُلُ) الهمْزةُ للاستفهامِ، والفاءُ عاطفةٌ على مقدَّر، أي: أتأذنُ لنا / فنأكُل.
          قوله: (في آنِيَتِهِمْ) متعلِّقٌ ﺑ(نَأْكُلُ)، أي: التي يطبخونَ فيها الخنْزيرَ، ويشربون فيها الخمرَ.
          وآنِيَةٌ جَمْعُ إنَاءٍ كسِقَاءٍ وأَسْقِيَةٍ، وجمعُ الآنِيةِ أَوَانِي.
          قوله: (وَبِأَرْضِ صَيْدٍ) معْطوفٌ على ﺑ (أَرْضِ قَوْمٍ)، وهُو مِن باب إضافةِ المَوصوفِ إلى صِفَتِه؛ لأنَّ التَّقديرَ بأرضٍ ذات صَيْد، حذف الصِّفة وأقامَ المضاف إليه مُقامَها.
          قوله: (أَصِيْدُ بِقَوْسِي) جملةٌ مُستأنفةٌ لا محلَّ لها من الإعْرابِ، أي: أَصِيْدُ فيها بسَهْمِ قَوْسي، فهو على حَذْف مُضافٍ.
          والقَوْسُ كما قالَ في «القامُوْسِ» مَعْرُوفٌ، وقد يُذكَّر ويُؤنَّثُ، وتَصْغيرُها: قُوَيْسَةٌ وقُوَيْسٌ، والجمْعُ قِسِيٌّ وأَقْوَاسٌ.
          قوله: (وَبكَلْبِي) أي: وأَصيدُ فيها بكَلْبي.
          قوله: (فَمَا يَصْلُحُ لِي) أي: فأيُّ شيءٍ يَصْلُحُ لي أكْلُه مِن هذه الثَّلاثة، أي: من مصادها.
          قولُه: (قَالَ) أي: النَّبيُّ صلعم.
          قوله: (أَمَّا) بتشْديدِ الميْمِ، حَرْفُ شَرْطٍ وتَفْصيلٍ.
          وقوله: (مَا) مَوْصُولةٌ في مَوضع رَفْع مُبتدأ، وجُملة (ذَكَرْتَ) صِلَةُ الموصول، والعائدُ محذوفٌ، أي: ذَكَرتَه.
          وقوله: (مِنْ آنِيَةِ...) إلى آخرِه، بَيانٌ ﻟ (مَا).
          وقوله: (فَإنْ وَجَدْتُمْ) خبَرُ (مَا)، والفاءُ واقعةٌ في جوابِ (أَمَّا)، أي: أَصَبْتُم أنتَ وقَوْمك.
          وفي رِوايةٍ: «فإنْ وَجَدْتَ»، أي: أنتَ.
          قوله: (غَيْرَهَا) أي: غَير آنيةِ أهلِ الكتابِ.
          قوله: (فَلَا تَأْكُلُوا فِيْهَا) أي: في آنيةِ أهْلِ الكتابِ؛ لأنَّها مُستَقْذَرةٌ ولَو غُسلت، كما يُكْره الشُّرب في المِحْجَمَةِ ولَو غسلت اسْتِقْذاراً.
          قَوله: (وَإنْ لَمْ تَجِدُوا) أي: غير آنِيةِ أهلِ الكِتابِ.
          قوله: (فَاغْسِلُوْهَا وَكُلُوا فِيْهَا) رُخصةٌ بعد الحظرِ مِن غَير كَراهةٍ للنَّهْي عنِ الأكْلِ فيها مُطْلقاً، وتعليقُ الإذْنِ على عَدَم غيرها مَع غسلِها.
          وفيْه دليلٌ لمنْ قالَ: إنَّ الظَّنَّ المُسْتفادَ مِن الغالِب راجِحٌ على الظَّنِّ المستَفادِ منَ الأصْلِ.
          وأجابَ مَن قالَ بأنَّ الحُكْمَ للأصلِ حتَّى يتحقَّق النَّجاسة: بأنَّ الأمْرَ بالغسلِ محموْلٌ على الاستِحبابِ احْتياطاً جمعاً بَيْنَه وبينَ ما دلَّ على التَّمسُّك بالأصْلِ.
          وأمَّا الفُقهاءُ فإنَّهم يقولون: إنَّه لا كراهة في اسْتعمال أَوَاني الكفَّارِ التي ليست مُستعملة في النَّجاسة، ولو لم تغسل عِنْدهم؛ ولِذا كان الأَولى الغسلُ للاحتياطِ لا لثُبوت الكراهة في ذلك.
          قوله: (وَمَا) هيَ شرطيَّةٌ، و(صِدْتَ) فِعْلُ الشَّرْطِ.
          وقوله: (فَذَكَرْتَ اسْمَ الله عَلَيْهِ) أي: نَدْباً، بالفاءِ.
          وفي رِوايةٍ بالواوِ، معطوفٌ على (صِدْتَ).
          وقولُه: (فَكُلْ) جوابُ الشَّرْطِ.
          أوْ خبرُ المبتدإ إنْ كانتْ (مَا) اسْماً مَوْصُولاً مبتدأً.
          وتمسَّك بظاهرِه مَن أوجَبَ التَّسْميةَ على الصَّيْدِ والذَّبيْحةِ.
          قوله: (غَيْرِ المُعَلَّمِ) بالنَّصْبِ، حالٌ.
          وبالجرِّ بَدَلٌ.
          وهذا الحديثُ ذَكَره البخاريُّ في باب: صَيْد القَوْسِ.


[1] نقله عنه القسطلاني في الإرشاد 8/259.