حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر عليه

          281- قولُه: (شَيْئاً) [خ¦7054] أي: من أُمور الدِّيْن.
          وقوله: (يَكْرَهُهُ) أي: يبغضُه.
          قوله: (فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ) أي: على ذلك المكْروه، ولا يخرج عن طاعة الإمامِ.
          قوله: (فَإنَّهُ) أي: الشَّأن.
          قوله: (مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ) أي: جماعة الإسلام وخرجَ عن طاعةِ الإمام.
          قوله: (شِبْراً) أي: قَدْرَ شِبْرٍ، وهذا كنايةٌ عَن مَعْصية السُّلْطان ولَو بأدْنى شيءٍ.
          وقوله: (فَمَاتَ) أي: في حال تلبّسِه بمَعصية السُّلطان القليلة.
          قوله: (مِيْتَةً جَاهِلِيَّةً) بكسرِ الميْم، كجِلْسَةٍ، بَيانٌ لهيْئة الموْتِ وحالته التي يكون عليها، أي: كما يَموت أهْلُ الجاهِليَّة عليه من الضَّلالة والتَّفرُّق وليس لهم إمامٌ مُطاعٌ، وليس المراد أنَّه يموتُ كافراً بلْ عاصِياً.
          وفي الحديث أنَّ السُّلْطان لا ينعزل بالفِسْق؛ إذْ في عزْلِه سببٌ للفِتْنةِ وإراقةِ الدِّماءِ وتفريقِ ذات البيِّن، والمفسدةُ في عَزْلِه أكثرُ منها في بقائِه.
          وفي هذا الحديث حُجَّة لترْكِ الخُروج على أئمَّة الجَوْرِ ولزُوم السَّمْع والطَّاعة لهم، وقد أجمعَ الفُقهاءُ على أنَّ الإمامَ المتغلِّبَ تلزم طاعتُه ما أقامَ الجماعات والجهادَ، إلَّا إذا وقعَ منه كُفْرٌ صريحٌ، فلا تجوز طاعتُه في ذلك، بلْ تجب مُجاهدته لمن قَدِر.
          وهذا الحديثُ ذكَره البخاريُّ في باب: قَول النَّبيِّ صلعم: «سَتَرَوْنَ بَعْدِي أُمُوراً تُنكِرُوْنَها».