حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل

          116- قَوله: (عَنْ أَبي مُوْسَى) [خ¦2663]: كُنيةُ الرَّاوي، واسمُه: عَبْدُ الله بنُ قَيْسٍ الأَشْعريُّ.
          قوله: (رَجُلاً يُثْنِي على رَجُلٍ) لم يُسَمَّ الرَّجُلان.
          وقيل: المُثْني يُسمَّى بـ : مِحْجَنِ بنِ الأَدْرِعِ، والمُثْنى عليه يُسمَّى بـ : عَبْدِ الله ذِي البِجَادَيْنِ.
          قوْله: (وَيُطْرِيْهِ) بضمِّ أوَّلِه، منَ الإطْراءِ، وهو المُبالغةُ ومُجاوزةُ الحدِّ، أي: يُبالغ، ومنه الحديث: «لا تُطْرُوْنِي كَما أَطْرَتِ النَّصَارى عِيْسى» [خ¦3445] [خ¦6830].
          قوله: (في مَدْحِهِ) ولأَبوَي ذَرٍّ والوَقْت: «في المَدْحِ».
          وأمَّا «مِدْحَتِهِ» فتَحْريفٌ.
          قوله: (أَهْلَكْتُمْ _أَوْ: قَطَعْتُمْ_ ظَهْرَ الرَّجُلِ) هذا شكٌّ منَ الرَّاوي.
          وإنَّما حصلَ له الهلاكُ والقطيعةُ لما يلحقه من الفَخْرِ والكِبر، وقد جاءَ عنِ النَّبيِّ صلعم: «اُحْثُوا التُّرابَ في وُجُوْهِ المدَّاحِيْنَ(1)»(2).
          و«احْثُوا» معناهُ: ارْمُوا.
          وفي معنى هذا الحديثِ خمسةُ أقْوالٍ:
          الأوَّلُ: حمْلُه على ظاهرِه، فيُرمى التُّرابُ في وُجوه المدَّاحين.
          القول الثَّاني: إنَّ هذا كِنايةٌ عن خَيْبة المدَّاحين(3) وحرْمانهم، فلا يعطَون شيئاً.
          القولُ الثَّالث: إنَّه كِنايةٌ عن أنْ يقالَ لهم: بُغيتكمْ ومطْلوبُكُمُ التُّرابُ.
          القول الرَّابع: أنْ يأخذَ الممدوحُ تُراباً فيذره بين يَدَيْه، يتذكَّر به مصيره إلى التُّراب، فلا يغترّ بما سمعَه من المدْحِ.
          القولُ الخامس: إنَّ المرادَ / إعطاءُ المدَّاحين ما طَلَبوا؛ وذلك لأنَّ مصِيرَ جميعِ الأشياءِ إلى التُّرابِ.
          واعلمْ أنَّ ما ذكَره المصنِّفُ من الحديث لا يُنافِي ما وردَ منَ الأحاديثِ الصَّحيحةِ منْ مَدْحِ الشَّخص في وَجْهِه؛ لأنَّ المذمومَ الإفْراطُ في المدْحِ.
          أو تُحمل تلْك الأحاديثُ على مَن لا يخاف عليه الكِبر لكمالِ تَقْواه ورَسُوخِ عَقْلِه.
          وهذا الحديثُ ذَكَره البخاريُّ في باب: ما يكره منَ الإطْنابِ في المدْحِ.


[1] كذا في «ت» و«م» وغيرها، وفي الأصل: المادحين.
[2] أحمد في مسنده 23875، 24358.
[3] كذا في «ت» و«م» وغيرها، وفي الأصل: المادحين.