حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: أن النبي كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه...

          201- قوله: (أَوَى إلى فِرَاشِهِ) [خ¦5017] أي: للنَّوم.
          و(أَوَى) بالقَصْر إنْ كانَ لازِماً، وبالمدِّ إنْ كان مُتعدِّياً.
          قال في «المخْتار»: وَقَدْ أَوَى إلى مَنْزِلِهِ يَأْوِي، كـ : رَمَى يَرْمِي، أُوِيّاً على فُعُوْلٍ، وَإِوَاءً على فِعَالٍ، وَآوَاهُ غَيْرُهُ إيْوَاءً: أَنْزَلَهُ بِه.[انتهى](1).
          قولُه: (ثُمَّ نَفَثَ) أي: تَفَلَ بدُونِ رِيْقٍ.
          ظاهِرُه أنَّه يَتْفِلُ قَبْلَ القِراءةِ، ولكن في غَير هذه الرِّواية أنَّه كانَ يفعلُ ذلك بعْدَ القراءةِ، وهذه الحالةُ أكْملُ ليكون الرِّيْقُ مُختلطاً بالبَرَكةِ.
          والمرادُ الرِّيْقُ القَليلُ، فلا يُنافي ما مرَّ مِن أنَّه بدون رِيْقٍ كَثير؛ لأنَّ المرادَ بدون رِيْقٍ كثيرٍ، ويُجاب أنَّ المعنى جمعَ كَفَّيه، ثُمَّ عزَّمَ على النَّفثِ فيهما فقرأَ.
          وقد ثبتَ في رِواية الكُشْميهَنيِّ بلا فاءٍ ولا واوٍ.
          قوله: (فَقَرَأَ فِيْهِمَا) ظاهرُه مَرَّة.
          وفي بعْضِ الرِّوايات: «ثَلَاثاً».
          قوله: (يَبْدَأُ بِهِمَا) أي: يبدأُ بالمسْح بيَدَيْه.
          وهذا بيانٌ لجملة قولِه (يَمْسَحُ)، فهو مُجملٌ بيَّنه بقولِه (يَبْدَأُ بِهِمَا)، لكنَّ قولَه: (مَا اسْتَطَاعَ...) إلى آخرِه، وقولَه: (يَبْدأُ) يقْتَضِيانِ أنْ يُقدَّر بَعْد (مِنْ جَسَدِهِ) الآتي: ثُمَّ يَنْتهي إلى ما أدْبَرَ مِن جَسَدِه.
          قوله: (وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ) أي: ما كان مقدَّماً من جسدِه من صَدْرٍ وما وَالَاهُ.
          قوله: (يَفْعَلُ ذلِكَ).
          يحتمل أنَّ اسمَ الإشارة عائدٌ على المسْحِ، فتكون القراءةُ مرَّةً واحدةً.
          ويحتملُ أن يكونَ عائدًا على المذْكور مِن الجمْع والنَّفث والقراءة والمسْحِ، وهذا أَوْلى؛ ليُوافق رِوايةَ القراءة ثلاثاً، وهذا على سبيْل الكمالِ، ويكْفي مرَّة واحدة، فكلَّما اشتدَّ الاعْتقادُ نفعَ اليَسِير منَ القُرآنِ.
          وهذا الحديْث ذكرَه البخاريُّ في باب: فضْل المُعوِّذتَين.


[1] ما بين الحاصرتَيْن منِّي.