حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: لله أرحم بعباده من هذه بولدها

          237- قولُه: (قَدِمَ على النَّبِيِّ صلعم) [خ¦5999] هو بكسرِ الدَّال، ومصدرُه القُدُوْمُ والمقدَم بفَتْح الدَّالِ، مَبيناً للفاعِل، و(سَبْيٌ) بدونِ باءٍ مُوحَّدةٍ فاعلٌ.
          وفي رِوايةِ الكُشْميْهَنيِّ: (قُدِمَ)، بضمِّ القاف، مبْنياً للمَجهولِ مَع زيادةِ باءٍ في (سَبْيٌ)، وكان ذلك السَّبْيُ من هَوَازِن في غَزْوةِ حُنَينٍ.
          قوْله: (فَإِذَا امْرَأَةٌ) قال الحافظُ ابنُ حَجَرٍ(1): لم يُعرف اسمُها.
          قوله: (تَحْلُبُ) هو مِن بابِ قَتَلَ، والحَلَبُ _بِفَتْحَتَيْنِ_ يُطْلَقُ على المصْدَرِ، وعلى اللَّبَنِ المَحْلُوْبِ، فيُقالُ: لَبَنٌ حَلَبٌ وحَلِيْبٌ، و(ثَدْيَهَا) بالإفْرادِ والنَّصْبِ مَفْعُولُه.
          وفي نُسخةٍ: «قَدْ تَحَلَّبَ»، بفَتْح الحاءِ واللَّامِ المشدَّدة، و(ثَدْيُهَا) بالإفْرادِ والرَّفْع فاعلٌ، أيْ: سالَ مِنْه اللَّبَنُ.
          وفي رِوايةٍ: «ثَدْيَيْهَا»، بالتَّثْنية مَع النَّصْبِ على الرِّوايةِ الأُولى، أوِ الرَّفْعِ على الرِّوايةِ الثَّانية.
          قوله: (تَسْقِي) هذه الجمْلةُ تعْليلٌ لما قبلها، أي: تحلب لأجْل السَّقي، أوْ حال.
          و(تَسْقِي) بفَتْح التَّاءِ الفَوقيَّة، وسكُونِ المهملة، مِن باب رَمَى.
          وفي رِواية الكُشْميهنيِّ: «بِسَقْيٍ»، بمُوحَّدةٍ مكسورةٍ بَدَلَ الفَوقيَّة، وفَتْح المهملة وسكونِ القاف، وتنْوِين التَّحتيَّة، وهو متعلِّقٌ ﺑ (تَحلُبُ)، والباءُ للسَّببيَّة.
          وفي رِوايةٍ: «تَسْعَى» بفَتْح العَين المُهملة، منَ السَّعْيِ، أي: تَمشي بسُرعةٍ تطلُبُ وَلَدَها الذي فَقَدَتْه.
          قوله: (إذْ وَجَدَتْ).
          قال العَينيُّ(2): (إذْ) ظَرْفٌ، ويجوزُ أن يكونَ بَدَلَ اشْتمالٍ مِن (امْرأَةٌ).
          قال: وفي بعض النُّسَخِ: «إذا»، أي: بالألِفِ.
          لكن قال الحافظُ ابن حجرٍ: قولُه: «إذا»، أي: بالألف، كذا للجميع.
          قوله: (أَخَذَتْهُ) أي: فأرضعتْهُ ليخف عنها اللَّبن، لكونها تضرَّرت باجتماعِه.
          قوله: (فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا) عطْفٌ على مقدَّرٍ، والتَّقدير: فوجدت ابنها، فأخذَتْه فألصقَتْهُ.
          قوله: (أتَرَوْنَ) بفَتْح الفوْقيَّةِ، أي: أتظنُّون.
          وقوله: (هذِهِ) أي: المرأة مَفعولٌ أوَّلٌ، و(طَارِحَةً) مفْعولٌ ثانٍ، و(وَلَدَهَا) مفعُولُ (طَارِحَةً)، و(فِي النَّارِ) مُتعلِّقٌ ﺑ (طَارِحَةً).
          قوله: (قُلْنَا: لَا) أي: لا تطرحه.
          وقوله: (هِيَ تَقْدِرُ) جملةٌ حاليَّةٌ، أي: لا تطرحه في حال كَونها قادِرة على عدمِ طَرْحِه، وأمَّا إذا كانت مُكرهةً فتطرحه.
          قوله: (فَقَالَ) أي: النَّبيُّ صلعم.
          وقولُه: (لله) بفَتْح اللَّام للتَّأكيدِ.
          وفي رِواية الإسماعيليِّ: «والله لله»، بزِيادة القَسَم، «والله» مُبتدأٌ، و(أَرْحَمُ) خَبَرٌ، والجملةُ في محلِّ نَصْبٍ مقولُ القَوْلِ.
          قوله: (بِعِبَادِهِ) أي: المؤمنين، وهو متَعلِّقٌ ﺑ (أَرْحَمُ)، و(مِنْ هذِهِ) مُتعلِّقٌ بِه أيضاً.
          وحكى الشَّيْخُ ابنُ أبي جَمْرةَ احتمالَ تَعميمِه حتَّى في الحيواناتِ.
          وهذا الحديثُ ذكَره البخاريُّ في الباب السَّابقِ.


[1] الفتح 10/430.
[2] عمدة القاري 22/101.