حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك صغار الأعين

          141- قوله: (لا تَقُوْمُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا التُّرْكَ) [خ¦2928] فقِتالُهم من علاماتِ يوم القيامةِ.
          والتُّرْكُ _كما قالَ ابنُ عبد البَرِّ(1)_ وَلَدُ يَافِثَ، وهم أجْناسٌ كثيرةٌ:
          أصحابُ مُدُنٍ وحُصُونٍ.
          ومنهم قَوْمٌ في رُؤوس الجِبال والبَرارِي ليس لهم عَمَلٌ سوى الصَّيْد، ويأْكُلُون الرَّخَمَ والغِرْبانَ.
          وليس لهم دِيْنٌ، ومنهم مَّن يتديَّن بدِيْن المَجُوْسِ، وهمُ الأكْثرون، ومنهم مَّن يتهوَّد، وفيهم سَحَرةٌ.
          وسُمُّوا تُرْكاً لأنَّهم تُركوا خارجَ السَّدِّ الذي بناهُ ذو القَرْنَين.
          قوله: (صِغَارَ الأَعْيُنِ) من إضافة الصِّفة للمَوصوف، أي: أعيُنُهم صِغارٌ.
          قوله: (حْمْرَ الوُجُوْهِ) أي: وُجوهُهم حُمْرٌ، أي: بِيضُ الوُجوه، مُشرَّبةٌ بحُمْرةٍ لغَلَبة البَّرْدِ على أجْسامهم، و(حُمْرَ) بسُكون الميْم جمعُ أَحْمَرَ.
          قوله: (ذُلْفَ الأُنُوْفِ) بنَصْب الثَّلاثة، صِفةٌ للمَفْعُول السَّابق.
          و(ذُلْفَ) بضمِّ الذَّال المُعجَمة، وسُكون اللَّام، جمعُ أَذْلَفٍ، أي: فُطْسُ الأُنوْفِ، وهو قصارُها على انْبِطاحٍ.
          وقيل: غِلَظٌ في الأَرْنَبةِ.
          وقيل: تَطَامُنٌ.
          وكلٌّ مُتقارِبٌ.
          قوله: (كَأَنَّ وُجُوْهَهُمُ المَجَانُّ) بفَتْح الميْم والجيْم، وبعد الألِف نُونٌ مشدَّدةٌ، جمعُ مِجَنٍّ بكسرِ الميمِ، أي: التُّرْسُ.
          وقوله: (المُطْرَقَةُ) بضمِّ الميْم، وسُكون الطَّاءِ، وفَتْح الرَّاءِ، أي: التي طُرِّقَت ودُقَّت بالمِطْرَقَةِ.
          ولأبي ذَرٍّ: (المُطَرَّقَة) بفَتْح الطَّاءِ، وتشديد الرَّاءِ، للتَّكْثير.
          والأُولى هي الفَصيحةُ المشهورةُ في الرِّواية وكُتُبِ اللُّغة، أي: التي أُلْبِسَتِ الأَطرقة من الجُلُود وهيَ الأغشيةُ، تقولُ: طارقت بين النَّعلَين، أي: جعلتُ إحداهُما على الأُخرى.
          قال البَيْضاويُّ(2): شبَّه وُجوهَهم بالتُّرْسِ لبَسطِها وتدْوِيرِها، وﺑ (المُطْرَقَة) لغِلَظِها وكثرة لحْمِها.
          قوله: (قَوْماً) أي: وهمُ التُّرْكُ.
          قوله: (نِعَالُهُمُ) جمع نَعْلٍ.
          وقوله: (الشَّعَرُ) بفَتْح العَيْن وتسكَّن، أي: إنَّهم يجعلون نِعالهم مِن حبالٍ ضُفرَت منَ الشَّعَر.
          أو المرادُ: طولُ شُعورِهِم وكثافتُها، ولطُولِها فهُم كذلك يمشون فيها.
          وهذا الحديْث ذكَره البُخاريُّ في باب: قِتال التُّرْكِ.


[1] نقله عنه العيني في العمدة 14/199.
[2] تحفة الأبرار 3/338.