حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: الخيل لثلاثة لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر

          137- قوله: (الخيْلُ لِثَلَاثَةٍ) [خ¦2860] جارٌّ ومجرورٌ.
          ولأبي ذَرٍّ، عنِ الكُشْمَيْهَنيِّ: «ثلاثةٌ»، بإسقاط حرفِ الجرِّ، والرَّفْع.
          ووَجْهُ الحصرِ في هذه الثَّلاثة أنَّ الذي يقتني الخيْلَ إمَّا أن يقتنيها لركُوبٍ أو تجارةٍ، وعلى كُلٍّ؛ إمَّا / أن يقترن بالقنية طاعة فهو الأوَّل، أو معصية فهو الثَّالث، أو لا ولا فهُو الثَّاني.
          قوله: (سِتْرٌ) بكسر السِّين، أي: إنَّها تكون ساترةً ومانعةً له من الفَقْر.
          وقوله: (رَبَطَهَا) أي: للجِهاد.
          قوله: (فَأَطَالَ) أي: في الحبلِ الذي يربطها به حتَّى تسرح في المرعى.
          قوله: (مَرْجٍ) بفَتْح الميم، وسُكون الرَّاءِ، وهو أرضٌ واسِعةٌ ذاتُ كلإٍ، سمِّيت مَرْجاً لمرْجِ البَهائم فيها، أي: ذهابِها ورواحِها فيها كيفَ شاءَتْ.
          قوله: (أَوْ رَوْضَةٍ) شكٌّ من الرَّاوي، وهي الموضعُ الذي يكثر فيه الماءُ وأنواع النَّباتات من الرياحين وغيرها.
          قوله: (فَمَا أَصَابَتْ) أي: أكلتْ وشرِبَت ومشتْ.
          قوله: (طِيَلِهَا) بكسر الطَّاءِ، وفتح الياءِ التَّحتيَّة، أي: حبلها الذي تربط فيه به ويطول لها.
          وفي نُسخةٍ: «وَطُوْلِها»، بالواوِ بدَلَ الياءِ.
          وقوله: (ذلِكَ) بدلٌ مِن (طِيَلِهَا).
          قوله: (مِنَ المَرْجِ) متعلِّقٌ بمحذوف حال(1) من الضَّمير المُستتر في (أَصَابَتْ).
          قوله: (كَانَتْ) أي: مَواضعُ إصابةِ الخيْل المفهومة من قوله: (أَصَابَتْ).
          وقوله: (لَهُ) أي: لصاحبِها، أي: كان لصاحب الفَرَس حَسَناتٌ بعددِ مواضع الإصابة.
          قوله: (فَاسْتَنَّتْ) بسكون السِّيْن المهملة، وفَتْح التَّاءِ الفَوقيَّة، ثُمَّ نُونٌ مشدَّدةٌ مفتوحةٌ، أي: رمحت بنشاطٍ وفَرحٍ.
          قوله: (شَرَفَاً) بفَتْح الشِّين المُعجَمة والرَّاءِ والفاءِ.
          وكذلك يقالُ في شَرَفَين، أي: شَوْطاً أو شَوْطَين، فبعُدَتْ عنِ الموضِع الذي ربَطَها صاحبُها فيه تَرْعى، وَرَعَتْ في غيرهِ.
          قوله: (وَآثَارُهَا) أي: المواضع التي أثرت فيها من الأرض بحَوافرِها عِنْد خُطواتها.
          قوله: (بِنَهَرٍ) بسُكون الهاءِ وفَتْحِها.
          قوله: (وَلَم يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَهَا) أي: وإذا حصلَ له الثَّواب عند عدم الإرادةِ، فعِنْد إرادتِه شربها أَولى.
          قوله: (كَانَ ذلِكَ) أي: شربها.
          قوله: (تَغَنِّياً) بفتح التَّاءِ الفَوقيَّة، وفَتْح الغَيْن المُعجَمة، وكسرِ النُّون المشدَّدة، أي: استغناءً وقناعةً بكسبِها عن غيرها من الأمْوال، راضياً بها مُؤثراً لها على غيرها.
          مأخوذٌ من قولهم: اسْتغنيتُ بكذا عن كَذا، أي: آثرتُه على غيرهِ ورضيتُ به.
          قوله: (وَتَعَفُّفَاً) أي: عنِ المسألة وإضرارِ النَّاسِ لَه.
          قوله: (ثُمَّ لَمْ) وفي نُسخةٍ: «وَلَمْ يَنْسَ».
          وقوله: (حَقَّ الله فِي رِقَابِهَا) وهو أنْ ينفقَ عليها ولا يحملها ما لَا تطيق، وليس المرادُ بالحقِّ الزَّكاة؛ لأنَّ الخيْلَ لا زكاةَ فيها.
          قوله: (ولا ظُهُوْرِهَا) الحقُّ المتعلِّق بظُهورها هو أن يركبها غيره إذا كان مُضْطراً للركوبِ، وأن يُعيْرَ الفَحْلَ من الخيْل للنَّزَوَانِ.
          قوله: (فَهِيَ لِذلِكَ) أي: للرَّجُل المتَّصف بما تقدَّم.
          قوله: (سِتْرٌ) بالكَسْر، أي: ساتِرةٌ ومانعةٌ من الفَقْر.
          قوله: (رَبَطَهَا فَخْراً) أي: لأجْل الفَخْرِ والتَّعاظُم.
          قوله: (وَرِيَاءً) أيْ: إظْهاراً للطَّاعة، وفي الباطِن بخلافِ ذلك.
          قوله: (وَنِوَاءً) بكسرِ النُّون، وفَتْح الواوِ مع المَدِّ، أي: مُعاداةً لأهْل الإسْلام.
          قيلَ: الواوُ فيه وفيما قبله بمعنى: أو؛ لأنَّ هذه الثَّلاثة قد تفترق في الأشْخاص، وكلُّ واحدٍ منْها مذمومٌ على حدته.
          قوله: (فَهِيَ وِزْرٌ) أي: إثمٌ.
          وقوله: (على ذلِكَ) أي: الرَّجُل المتَّصف بما تقدَّم.
          وهذا الحديث ذكرَه البخاريُّ في باب: «الخيْلُ لثلاثةٍ».


[1] في هامش «ز3»: فيه نظرٌ، والظَّاهر أنه بيان ﻟ (ما).