حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث ابن عباس: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية

          129- قَوله: (لا هِجْرَةَ) [خ¦2783] أي: واجِبةً من مكَّة إلى المديْنة.
          والمراد: لا هِجْرةَ بعْدَ الفَتْح لمنْ لَم يكُن هاجَرَ قبلُ؛ بدليل الحديثِ الآخَر(1): «يُقِيْمُ المُهاجِرُ ثلاثاً بَعْدَ قَضَاءِ الحجِّ».
          وأمَّا الهِجْرةُ من بلاد الكفَّار إلى بلادِ الإسلام فحكْمُها باقٍ إجْماعاً.
          قوله: (بَعْدَ الفَتْحِ) أي: فتح مكَّة للاستغناء عن ذلك؛ إذْ كان معظمُ الخوفِ من أهْلِها؛ لأنَّها كانت دارَ كُفْرٍ فصارَت بالفَتْح دارَ إسْلامٍ.
          قوله: (جِهَادٌ) أي: في الكفَّار.
          وقوله: (وَنِيَّةٌ) أي: في الخيْر، يُحصِّلُون بها الفضائلَ التي في معنى الهِجْرة.
          وقال النَّوويُّ(2): معناهُ: أنَّ تحصيل الخير بسبب الهِجْرة قدِ انقطعَ بفتْح مكَّة، لكن حصِّلُوه بالجِهاد والنِّية الصَّالحة.
          قال: وفيه حثٌّ على نيَّة الخيْر وأنَّه يُثاب عليها.
          قوله: (فَإذا اسْتُنْفِرْتُمْ) بالفاءِ في رِواية أبي ذَرٍّ، عنِ الحَمُّوْييِّ والمُسْتَمْلِيِّ.
          وفي رِوايةٍ أُخرى: «وَإذا»، بالواوِ.
          و(اسْتُنْفِرْتُمْ) بضمِّ التَّاءِ، وكسرِ الفاءِ.
          وقوله: (فَانْفِرُوا) بهمْزة وَصْلٍ، وكسرِ الفاءِ _أيضاً_، أي: إذا طلَبَكمُ الإمامُ للخُروج للغَزْوِ فاخْرُجوا إليه.
          وهذا دليلٌ على أنَّ الجهادَ ليس فَرْضَ عَيْنٍ، بل فَرْض كفايةٍ.
          وهذا الحديثُ ذكرهُ البخاريُّ في باب: فَضْل الجِهادِ أيضاً.


[1] مسلم 442/1352.
[2] شرح مسلم 13/8.