حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي فوالله ما علمت..

          118- قولُه: (سَفَرَاً) [خ¦2661] أي: إلى سَفَرٍ، أو ضمن (يَخْرُجُ) معنى: يُلابِسُ أوْ يُنْشئُ، فهُو منْصوبٌ بنَزْع الخافِض، أوْ على المَفعوليَّة.
          قوله: (أَقْرَعَ) أي: ضَرَبَ القُرْعةَ.
          قالَ أبو عُبيدَةَ: عَمَلَ بالقُرْعةِ ثلاثةٌ منَ الأنبِياءِ: يُونسُ وزكَريَّا ومحمَّدٌ صلعم.
          فلا معنى لقَولِ مَن أبطلَها.
          قوله: (فَأَيَّتُهُنَّ) بتاءِ التَّأنيْثِ.
          قالَ الزَّرْكَشيُّ فيما نقَلَه عنْه في «المصابِيح»(1): ولم أرَهُ في النُّسخة التي وقفتُ عليها من «التَّنْقيح» أنَّه الوَجْهُ، ويُروى: «فَأَيَّهُنَّ»، بدونِ تاءِ تأنيثٍ.
          وتعقَّبَه / الدّمامينيُّ(2) فقال: دَعواهُ أنَّ الرِّوايةَ الثَّانية ليست على الوَجْهِ خطَأٌ؛ إذِ المنصوصُ أنَّه إنْ أُريد ﺑ (أَيَّ) المؤنَّث جازَ إلْحاقُ التَّاءِ بِه مَوصُولاً كان أَوِ اسْتفهاماً أوْ غيرهما. انتهى.
          ولم أقِف على الرِّواية الثَّانيةِ هُنا، نَعَمْ؛ هي في تفسيْر سُورة النُّوْر لغَيْر أبي ذَرٍّ، والمعنى: فأَيّ أزْواجِه.
          قوله: (خَرَجَ بِهَا مَعَهُ) ولأبي ذَرٍّ، عن الحَمُّوْييِّ والمُسْتَمْلِيِّ: «أَخْرَجَ»، بزيادة همْزةٍ.
          قالَ في «الفَتْح»[5/273]: والأوَّلُ هُو الصَّوابُ، ولعلَّ ذِي الهمْزة (أُخْرج) بضمِّ الهمْزة مبْنياً للمفعولِ.
          قَوله: (في غَزْوَةٍ) هي غَزْوةُ بني المُصْطَلِقِ من خُزاعةَ.
          قوله: (فَخَرَجَ سَهْمِي) فيه إشعارٌ بأنَّها كانتْ في تلك الغَزْوة وَحْدَها، ويُؤيِّده ما في رواية ابنِ إسْحاقَ(3) بلفظِ: «فَخَرَجَ سَهْمِي عَلَيْهِنَّ، فَخَرَجَ بِي مَعَهُ».
          وأمَّا ما ذَكَره الوَاقِدِيُّ مِن خُروج أُمِّ سَلَمَةَ معَه _أيضاً_ في هذه الغَزْوة، فضَعيْفٌ.
          قوله: (أُنْزِلَ الحِجَابُ) أي: آية الحِجاب، وهي: {فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب:53].
          ولم يكُن للنِّساءِ أوَّلاً محلٌّ مخصوصٌ عنِ الرِّجال، فلمَّا نزلتْ آيةُ الحِجابِ احْتجبَ النِّساءُ عنِ الرِّجالِ.
          قوله: (أُحْمَلُ) بضمِّ الهمْزة مخفَّفاً، مَبْنياً للمَفعول، وكذا يقالُ في (أُنْزَلُ) الآتي.
          قوله: (في هَوْدَجٍ) كذا هُنا.
          وفي التَّفسير: «في هَوْدَجِي» [خ¦4750]، وهو بهاءٍ ودالٍ مُهملةٍ مفتُوحتَين، بينهما واوٌ ساكِنةٌ، آخرُه جيمٌ: مَحْمَلٌ له قُبَّةٌ، يُسْتَرُ بالثِّيابِ ونَحْوِها، يُوضَعُ على ظَهْرِ البَعيْرِ، يَرْكَبُ فيْه النِّساءُ، لِيكُونَ أَسْتَر لَهُنَّ.
          قوله: (وَقَفَلَ) بقافٍ وفاءٍ، أي: رجَعَ من غَزْوتِه.
          قوله: (وَدَنَوْنَا) أي: قَرُبْنا.
          قوله: (آذَنَ) بالمدِّ والتَّخْفيف مِنَ الإيْذَانِ.
          ويجوزُ القَصْر والتَّشديد منَ التَّأْذِيْن، أي: أَعْلَمَ، وفي رِواية ابنِ إسحاقَ عِنْد أبي عَوَانَةَ(4): «فَنَزَلَ مَنْزِلاً، فَبَاتَ بِه بَعْضَ اللَّيلِ، ثُمَّ أَذَّنَ بالرَّحِيْلِ».
          قوله: (آذَنُوا) بالمدِّ والقصرِ كما مَرَّ.
          قوله: (فَمَشَيْتُ) أي: ذهبتُ وتباعدْتُ لأجْل قضاءِ الحاجةِ، فهو كِنايةٌ عنْ قضاءِ الحاجةِ.
          قوله: (شَأْنِي) أي: حاجَتي التي توجَّهت لها، فكَنَتْ بذِكْر الشَّأن عمَّا يُستقبح ذِكْرُهُ.
          قوله: (إلى الرَّحْلِ) هو مَتاعُ المسافرِ ومحلُّه.
          قوله: (عِقْدٌ) بكسرِ العَيْن، أي: قِلادةٌ.
          قوله: (جَزْعِ): بفَتْح الجيم، وسُكون الزَّاي، بعدهُما عَيْنٌ مُهملةٌ: الخَرَزُ اليَمانيُّ، وهو الذي فيه بَياضٌ وسَوادٌ.
          وقوله: (أَظْفَارٍ) بهمْزةٍ مفْتوحةٍ، ومُعجمةٍ ساكنة، مُضافٌ إليه.
          ولأبي ذَرٍّ، عَنِ الكُشْمَيهَنيِّ: «ظَفَارٍ»، بإسقاط الهمْزة، وفتحِ الظَّاءِ، وتنْوِين الرَّاءِ فيهما، كما في «الفروع» وغيره.
          قال ابنُ بطَّالٍ(5): الرِّوايةُ (أَظْفَارٍ) بألِفٍ، وأهلُ اللُّغة لا يقرؤونه بألفٍ، ويقولون: «ظَفَارٍ». وقال الخطَّابيُّ(6): الصَّوابُ الحذْفُ، وكسرُ الرَّاءِ مبْنياً كـ : حَضَارٍ، مدِينةٌ باليَمَنِ.
          قالوا: فدلَّ على أنَّ رِوايةَ زِيادةِ الهمْزة وَهَمٌ، وعلى تقديرِ صحَّةِ الرِّوايةِ، فيحتملُ أنَّه كان منَ الظُّفْرِ أحدِ أنواعِ القُسْطِ وهو طَيِّبُ الرَّائحةِ يُتبخَّر به، فلعلَّه عمل مِثْل الخَرَزِ، فأطْلقتْ عليها (جَزْعاً) تشْبِيهاً به، ونَظَمَتْه قِلادةً، إمَّا / لحُسْن لونِه أو لطِيْب رِيْحِهِ.
          وفي رِواية الواقِديِّ كما في «الفَتْحِ» [8/459]: «فَكَانَ في عُنُقِي عِقْدٌ مِنْ جَزْعِ ظَفَارٍ، كانَتْ أُمِّي قَدْ أَدْخَلَتْنِي بِه على رَسُوْلِ الله صلعم».
          قوله: (قَدِ انْقَطَعَ) وفي رِوايةِ ابنِ إسْحاقَ عِنْدَ أبي عَوَانَةَ(7): «قَدِ انْسَلَّ مِنْ عُنُقي وأَنا لا أَدْرِي، فَرَجَعْتُ».
          قوله: (فَحَبَسَنِي) منَعَني منَ العَوْدِ لرَحْلِي.
          وقوله: (ابْتِغَاؤُهُ) أي: طلبه.
          وعند الواقِديِّ: «وكنْتُ أظُنُّ أنَّ القَوْمَ لو لَبِثُوا شَهْراً لم يبعثوا بَعيْري حتَّى أكون في هَوْدَجِي».
          قوله: (يَرْحَلُوْنَ) بفتح أوَّلِه، وسُكون الرَّاءِ مخفَّفاً، يقال: رَحَلْتُ البَعيْرَ مخفَّفاً، شَدَدْتُ عَلَيْهِ الرَّحْلَ، أي: يَشدُّون الرَّحْلَ على بَعيْري.
          ولأبي ذَرٍّ بضمِّ أوَّله وفتح الرَّاءِ مُشدَّداً، لكن المعروف التَّخفيف.
          قال في «المختار»: رَحَلَ البَعِيْرَ: شَدَّ على ظَهْرِهِ الرَّحْلَ، وَبابُهُ قَطَعَ. انتهى.
          قوله: (فَرَحَلُوْهُ) بالتَّخفيف.
          ولأبي ذَرٍّ: «فَرَحَّلُوْهُ»، بالتَّشديدِ، أي: وضَعُوا هَوْدَجِي على بعيْري، وفيه تجوُّز؛ لأنَّ الرَّحْلَ هو الذي يُوضَع على ظَهْرِ البَعير، ثمَّ يوضَعُ الهوْدَجُ فَوْقَه.
          قوله: (فِيْهِ) أي: الهوْدَج.
          قوله: (لَمْ يَثْقُلْنَ): أي: بكَثرة الأكْلِ.
          قوله: (وَلَمْ يَغْشَهُنَّ) أي: يملأهُنَّ ويكثر عليهن اللَّحْم ويسترهنَّ، وهو منْ قَبيل عطْفِ التَّفسير.
          قوله: (العُلْقَةَ) بضمِّ العين، وسكونِ اللَّام، وبالقافِ، أي: القَليلُ منَ الطَّعامِ والبُلْغَةُ مِنْه.
          قوله: (فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ) أي: ينكر، فالسِّينُ والتَّاءُ زائدتانِ.
          وقوله: (القَوْمُ) بالرَّفْع على الفاعِليَّة.
          قوله: (ثِقَلَ الهوْدَجِ).
          (ثِقَلَ) بكسرِ المثلَّثة، وفَتْح القاف، الذي اعْتادُوه مِنْه، الحاصلُ فيه بسبب ما رُكِّب فيه مِن خَشَبٍ وحِبالٍ وستورٍ وغيرها، ولِشدَّة نحافةِ عائشةَ لا يظهر لوُجودِها فيه زيادةُ ثِقَلٍ.
          وفي تفسير سُورة النُّوْر من طرِيق يُونس(8): «خِفَّةَ الهوْدَجِ» [خ¦4750]، وهذه أوضحُ؛ لأنَّ مُرادَها إقامةُ عُذرِهم في تحميل هَوْدَجِها، وهي ليستْ فيه، فلا فَرْقَ عند من حمل الهوْدَج بين وُجودها فيه وعَدَمِه لخفَّة جسمِها، ولعلَّ هذه الرِّواية على حذفِ مُضافٍ، أي: عدم ثِقَل، فتوافقَتِ الرِّوايتانِ.
          قولُه: (جَارِيَةً) أي: أُنثى.
          وقوله: (حَدِيْثَةَ السِّنِّ) أي: قليلته؛ إذْ لم تكمل إذ ذَّاك خمس عشرة سنةً.
          قوله: (فَبَعَثُوا الجَمَلَ) أي: أَقاموهُ وأثارُوه.
          قوله: (اسْتَمَرَّ الجيْشُ) أي: ذهبَ ماضياً، وهو اسْتَفَعَل مِن مَرَّ.
          قوله: (فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ...) إلى آخرِه.
          وفي التَّفسير: «فَجِئْتُ مَنَازِلَهم وليسَ بها داعٍ ولا مُجِيْبٌ» [خ¦4750].
          قوله: (فَأَمَّمتُ) بتشديدِ الميم، أي: قصدتُ.
          وحُكي تخفيفُها.
          قوله: (فَظَنَنْتُ) أي: علِمتُ.
          قوله: (سَيَفْقِدُوْنِي): بكسرِ القاف.
          قال في «المختار»: فَقَدَهُ مِنْ بابِ ضَرَبَ، وفُـِقْدَاناً _أيضاً_ بِكَسْرِ الفاءِ وضَمِّها(9). انتهى.
          وهو بنُونٍ واحدةٍ، والأُخرى محذوفةٌ للتَّخفيف.
          ولأبي الوَقْت: «سَيَفْقِدُوْنَني»، بنونَين.
          قوله: (فَبَيْنَا): هو بغير ميْمٍ.
          وقوله: (غَلَبَتْنِي) جوابُ (بَيْنَا).
          قوله: (فَنِمْتُ) أي: من شدَّة الغَمِّ الذي اعْتراها، أو أنَّ اللهَ لطفَ بها فألْقى عليها النَّومَ لتسْتَريح من وَحْشة الانْفراد في البَرِّيَّة باللَّيل.
          قوله: (المُعَطَّلِ) بضمِّ الميم، وفَتْح المهملة، وتشديدِ الطَّاءِ المُهمَلة المفتوحة. /
          قوله: (السُلَمِيُّ) بضمِّ السِّين، وفتح اللَّام.
          قوله: (الذَّكْوَانِي) بفتح الذَّال المُعجَمة، منْسوبٌ إلى ذَكْوان بنِ ثَعْلَبةَ، كان رجُلاً خيِّراً فاضِلاً عفيْفاً صحابِياً.
          وفي حديثِ ابنِ عُمَرَ عِنْد الطَّبَرانيِّ(10)، أنَّ صَفْوانَ كان سألَ النَّبيَّ صلعم أن يجعلَه على السَّاقة، فكان إذا رحلَ النَّاس قامَ يُصلِّي، ثمَّ اتبعهم، فمَن سقطَ مِنْه شيءٌ أتاهُ بِه.
          وفي حديثِ أبي هُرَيرةَ عِنْد البزَّارِ(11): «وكان صَفْوانُ يتخلَّفُ عنِ النَّاسِ، فيُصيْبُ القَدَحَ والجِرَابَ والإدَاوَةَ».
          وفي مُرْسلِ مُقاتِلِ بنِ حَيَّانَ(12) في «الإكليل»: «فيَحْمِله، فيتَقدَّم به، فيُعرِّفه في أصْحابِه».
          قولُه: (فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي) كأنَّه تأخَّر في مكانه حتَّى قَرُبَ الصُّبح فركبَ ليظهر له ما يسقط من الجيشِ ممَّا يخفيه اللَّيل، أو كان تأخُّره ممَّا جرَت به عادته من غَلَبة النَّوْم عليه.
          قوله: (سَوَادَ إنْسَانٍ) أي: شخصه، ولا يدري أرَجُلٌ هو أَمِ امْرأةٌ.
          قَوله: (فَأَتَانِي) زادَ في التَّفسير: «فَعَرَفَنِي حِيْنَ رَآنِي».
          قوْله: (وَكَانَ يَرَانِي) أي: يرى شخصي مَع الستر.
          قولُه: (قَبْلَ الحِجَابِ) أي: قبل نزول آيته.
          قولهُ: (فَاسْتَيْقَظْتُ) أي: تنبَّهت من نَوْمي.
          قوله: (بِاسْتِرْجَاعِهِ) أي: بقولِه: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة:156].
          يحتملُ أنَّه شقَّ عليه ما جَرى لها فاسْترجع.
          ويحتمل أنْ يكونَ اسْترجاعُه لما وقعَ في نفسِه أنَّهما لا يَسْلَمانِ من الكلامِ.
          قوله: (حَتَّى أَنَاخَ) ولأبي ذَرٍّ، عنِ الكُشْميْهَنيِّ: «حِيْنَ أَنَاخَ»، وفي العبارة حذْفٌ كما يدلُّ عليه عبارةُ البُخاريِّ في التَّفسير، ونصُّها:
          «فاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرجاعِه حِيْنَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بجِلْبابِي، وَوالله ما كَلَّمني ولا سمِعتُ مِنْه كلمةً غَيْرَ اسْتِرْجاعِهِ حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ».
          قوله: (فَوَطِئَ يَدَهَا) بالإفْراد.
          وفي رِوايةٍ: «يَدَيْها»، بالتَّثْنية، أي: وطِئَ صَفْوانُ يَدَ الرَّاحِلة ليسهل الركوب عليها، ولا يحتاج إلى مساعدته إيَّاها.
          قوله: (فَانْطَلَقَ) أي: صَفْوان.
          وقوله: (يَقُوْدُ) جملةٌ حاليةٌ مِن فاعلِ (انْطَلَق).
          قوله: (مُعَرِّسِيْنَ) حالٌ من الواوِ في (نَزَلُوا)، بضمِّ الميم، وفَتْح العين المُهملة، وكسرِ الرَّاءِ المشدَّدة، بعدها سِينٌ مهْملةٌ، أي: نازِلين، فهو دليلٌ لقولِ ابنِ زيدٍ: التَّعْرِيسُ النُّزولُ في أيِّ وقْتٍ كان، وإنْ كانَ المشهورُ أنَّه النُّزول آخر اللَّيل.
          وفي التَّفْسير بدَلَ (مُعَرِّسِيْنَ): «مُوْغِرِيْنَ» بميْمٍ مَضمومةٍ، وغَينٍ مُعجَمةٍ، وراءٍ مهمَلةٍ مكْسورتَين، أي: نازِلين في وَقْت الوَغْرةِ، بفَتْح الواوِ، وسكون الغينِ المعجمة: شِدَّةُ الحرِّ وَقْتَ كون الشَّمْس في كبدِ السَّماءِ.
          قوله: (في نَحْرِ الظَّهِيْرَةِ) أي: وَقْت القائلة وشدَّة الحرِّ.
          والنَّحْرُ هو أعْلى الصَّدْر، والمعنى: إنَّ الشَّمْسَ بلغت مُنتهاها منَ الارْتفاع، فكأنَّها وصلت إلى النَّحْر، وهو أعلى الصَّدْر، و(الظَّهِيْرةِ) شدَّة الحرِّ.
          وفيه إشارةٌ إلى أن النَّحْرَ(13) مستعملٌ في معنًى مَجازِي.
          قوله: (فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ) أي: ارتكبَ سبب الهلاكِ، وهو الإفْك.
          زاد أبو(14) صالحٍ: «في شَأْنِي» [خ¦4141].
          وفي رِواية أبي أُوَيْسٍ عِنْد الطَّبرانيِّ(15): «فهُنالِك قالَ أهْلُ الإفْكِ فِيَّ وفيْهِ ما قالُوا».
          قوله: / (وَكَان الَّذِي تَوَلَّى الإفْكَ) أي: تصدَّى له وتقلَّده، و(الَّذِي) اسمُ (كَانَ)، و(عَبْدَ الله) بالنَّصْب خَبَرُها، و(ابنَ) بالنَّصْب صِفَتُه.
          ويحتملَ أنَّ (الَّذِي) خَبَرُها مقدَّماً، و(عَبْدُ الله) بالرَّفْع اسمُها مُؤخَّراً، و(ابنُ) بالرَّفْع صِفتُه.
          قوله: (ابنَُ أُبيِّ) بضمِّ الهمْزة، وتشديدِ التَّحتيَّة، وهو رئيسُ المُنافِقين.
          قوله: (ابنُ سَلُوْلَ) يُكْتب بالألِف، وهو مرفوعٌ؛ لأنَّ (سَلُوْلَ) بفَتْح السِّين غيرُ مُنْصرِفٍ، عَلَمٌ لأُمِّ عَبْدِ الله، فهُو صِفةٌ لِعَبْدِ الله لا لأُبَيٍّ.
          وأتباعُه: مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ، وحَسَّانُ بنُ ثابتٍ، وحَمْنةُ بِنْتُ جَحْشٍ.
          وفي حدِيثِ ابنِ عُمَرَ(16): «فقالَ عبدُ الله بنُ أُبَيٍّ: فَجَرَ بِها وَرَبُّ الكَعْبةِ! وأَعَانَه على ذلكَ جماعةٌ، وَشَاعَ ذلك في العَسْكَرِ».
          قوله: (فَاشْتَكَيْتُ) أي: مَرِضْتُ.
          وقوله: (بِهَا شَهْراً) زادَ في التَّفْسير: «حِيْنَ قَدِمْتُها»، وزادَ هنا بدَلَها: (بِهَا).
          قوله: (وَالنَّاسُ يُفِيْضُوْنَ) بضمِّ أوَّلِه، أي: يُشِيْعُونَ الحديثَ، منَ الإفَاضَةِ، وهي التَّكْثير والتَّوْسِعةُ.
          وسقط للحَمُّوْييِّ والمُسْتَمْلِيِّ قولُه: (وَالنَّاسُ).
          قوله: (وَيَرِيْبُنِي) بفَتْح أوَّلِه، منْ: رَابَهُ.
          ويجوزُ ضَمُّه، مِن: أَرَابَهُ، أي: يُشكِّكُني ويُوهمُني.
          قوله: (اللُطْفَ) بضمِّ أوَّلِه، وسُكون الطَّاءِ، أي: البِّرَّ والرِّفْقَ.
          قولُه: (أَمْرَضُ) بفَتْح الهمْزةِ والرَّاءِ.
          قوله: (ثُمَّ يَقُوْلُ) وللحَمُّوييِّ والمُسْتَمْلِيِّ: «فَيَقُوْلُ».
          قوله: (كَيْفَ تِيْكُمْ) بكَسْر الفوقيَّة، وهي في الإشارة للمؤنَّث مثل: ذَاكُمْ، في المذكَّر، قال في «التَّنْقيحِ»(17): وهي تدلُّ على لُطْفٍ من حيثُ سُؤالُه عَنْها، وعلى نَوْعِ جفاءٍ مِن قوله: «تِيْكُمْ».
          قوله: (لا أَشْعُرُ) بضمِّ العَيْن، أي: لا أعلمُ.
          قال في «المخْتارِ»: وشَعَرَ بِالشَّيْءِ _بالفَتْحِ_ يَشْعُرُ شِعْرَاً: فَطِنَ لَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهمْ: لَيْتَ شِعْرِي، أي: لَيْتَنِي عَلِمْتُ(18). [انتهى](19).
          قوله: (مِنْ ذلك) أي: الذي يقولُه أهْلُ الإفْكِ.
          قوله: (نَقَهْتُ) أي: بَرِئْتُ، يقال: نَقِهَ مِنْ مَرَضِهِ _بكَسْرِ القافِ_ نَقْهاً، مِثْلُ تَعِبَ تَعْباً، وكذلك نَقَهَ _بفتْحِ القافِ_ نُقُوْهاً، كـ : كَلَحَ كُلُوْحاً، فهو نَاقِهٌ، إذا صَحَّ ولم تَتِمَّ صحَّتُه، فالنَّاقِهُ: الذي بَرِئَ مِنَ المَرَضِ ولم يرجعْ لكَمالِ صحَّتِهِ.
          قال في «المختار»: نَقِهَ مِنَ المَرَضِ، مِنْ بابِ طَرِبَ وخَضَعَ، إذا صَحَّ. [انتهى](20).
          قوله: (وَأُمُّ مِسْطَحٍ) بكسر الميم، وسُكون السِّين، وفتح الطَّاءِ المُهمَلتَيْن، آخرُه حاءٌ مُهمَلةٌ، واسمُ أُمِّه: سَلْمى.
          زادَ في الأصْل في التَّفْسير: «وهيَ بِنْتُ أَبي رُهْمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّها بِنْتُ صَخْرِ بنِ عامرٍ، خالَةُ أبي بكْرٍ الصِّدِّيْقِ».
          وكانتْ مِن أشدِّ النَّاسِ على ابنِها مِسْطَحٍ في شأْن الإفْكِ، و(مِسْطَحٌ) عَلَمٌ على ابنِها.
          قوله: (قِبَلَ) بكسرِ القافِ، وفَتْحِ الباءِ الموحَّدة، بمعنى: جهة.
          قوله: (المَنَاصِعِ) بالصَّاد والعينِ المهملتَين، مواضعُ خارج المديْنة.
          قوله: (مُتَبَرَّزُنَا) بفتح الرَّاءِ المشدَّدة، وبالرَّفْع، أي: وهو مُتبرَّزُنا، أي: موضعُ قضاءِ حاجتِنا.
          ولغَيْر أبي ذَرٍّ: «مُتَبرَّزِنا»، بالجرِّ بدَلٌ منَ (المَناصِع).
          قوله: (إلَّا لَيْلاً إلى لَيْلٍ) أي: إلَّا منَ اللَّيْلِ إلى اللَّيْلِ.
          قوله: (الكُنُفَ) بضمِّ الكاف والنُّونِ، جمعُ كَنِيْفٍ، وهو السَّاترُ، والمرادُ به هُنا: المكانُ المتَّخَذ لقضاءِ الحاجةِ.
          (أَمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ) بضمِّ الهمْزة، وتخفيف الواوِ، وجرِّ اللَّام في «الفرع» وغيره، نعتٌ للعَرَبِ.
          وفي نسخةٍ: (الأَوَّلُ) بفتح الهمْزة، وتشديدِ الواوِ، وضمِّ اللَّام، نَعْتٌ للأمْرِ.
          قال النَّوويُّ(21) / : وكِلاهما صحيحٌ.
          وقد ضبَطَه ابنُ الحاجبِ بفَتْح الهمْزة، وصرَّحَ بمَنْع وَصْفِ الجمْع بالضَّمِّ، ثمَّ خرَّجَه على تقديرِ ثُبوته على أنَّ (العَرَب) اسمُ جمعٍ تحته(22) جُموع، فتصير مُفردةً بهذا التَّقدير.
          قال: والرِّوايةُ الأُولى أشهرُ وأقعدُ. انتهى.
          أي: لم يتخلَّقوا بأخلاق أهْلِ الحاضِرة والعَجَمِ في التَّبرُّز.
          قوله: (في البَرِّيَّةِ) بفتح الباءِ الموحَّدة، وتشديد الرَّاءِ، والمثنَّاة التَّحتيَّة، أي: خارج المديْنة.
          قوله: (أَوْ في التَّنَزُّهِ) بمُثنَّاةٍ فوقيَّةٍ، فنُونٌ، ثمَّ زايٌ مُشدَّدةٌ: طلب النَّزاهة، والمرادُ: البُعدُ عنِ البُيوت.
          والشَّكُّ من الرَّاوي.
          قولُه: (رُهْمٍ) بضَمِّ الرَّاءِ، وسكُون الهاءِ، واسمُه: أَنِيْسٌ.
          قوله: (فَعَثَرَتْ) بالعين المُهملة والمثلَّثة والرَّاءِ المفتوحات، أي: أُمُّ مِسْطَحٍ.
          قال في «المخْتار»: وَقَدَ عَثَرَ في ثَوْبِه يَعْثُرُ _بالضَّمِّ_ عِثَاراً _بالكَسْرِ_، وهُو مِنْ بابِ نَصَرَ ودَخَلَ. انتهى.
          قوله: (مِرْطِهَا) بكسرِ الميم، كِسَاءٌ مِنْ صُوْفٍ أَوْ خَزٍّ أو كَتَّانٍ؛ قالَه الخليْلُ.
          قوله: (تَعِسَ).
          قال في «المخْتارِ»: والتَّعْسُ: الهلَاكُ، وأَصْلُه الكَبُّ، وهُو ضِدُّ الانْتِعَاشِ، وَقَدْ تَعَسَ، مِنْ بابِ قَطَعَ. [انتهى](23).
          قوله: (هَنْتَاهْ) بفتْح الهاءِ، وسكوْن النُّونِ وقد تُفتح، وبعد المثنَّاةِ الفَوقيَّة ألِفٌ ثُمَّ هاءٌ ساكنةٌ في «الفرع» كأصلِه، وقد تُضمُّ، أي: يا هذه، نِداءٌ للبعيدِ، فخاطبتْها خطابَ البعيدِ لكونها نسبتْها للبَلَهِ وقِلَّة المعرفةِ بمكائدِ النَّاسِ.
          قوله: (بِقَوْلِ الإفْكِ) هذه رِوايةُ الكُشْميهَنيِّ.
          ورِوايةُ غَيْره: «بِقَوْلِ أَهْلِ الإفْكِ».
          قوله: (فَازْدَدْتُ مَرَضاً إلى مَرَضِي) أي: معَه.
          ولأَبوَي ذَرٍّ والوَقْت: «على مَرَضِي».
          قال في «الفَتْح»[8/466]: وعِنْد سَعيدٍ مِنْ مُرسلِ أبي صالحٍ: «فقالَتْ: وما تَدْرِينَ ما قالَ؟! قالتْ: لا والله، فأَخْبرتها بِما خاضَ فيْهِ النَّاسُ، فأَخذتها الحمَّى».
          وعِندَ الطَّبرانيِّ(24) بإسنادٍ صحيْحٍ، عن أيُّوبَ، عنِ ابنِ أبي مُلَيكَةَ، عنْ عائشةَ قالت: «لمَّا بلَغَني ما تكلَّموا فيه، هَممْت أن آتي قَلِيْباً فأطْرَحُ نَفْسي فيْهِ».
          قوله: (إلى أَبَوَيَّ) أي: إلى الذَّهاب إليهما.
          قوله: (أَسْتَيْقِنَ) أي: أتيقن.
          وقوله: (مِنْ قِبَلِهِما) بكسرِ القافِ، وفَتْح الموحَّدة، أي: من جهتِهما.
          وقوله: (فَأَذِنَ) أي: في الذَّهَابِ.
          قوله: (لأُمِّي) أي: وهيَ أُمُّ رُوْمَانَ.
          قوله: (مَا يَتَحَدَّثُ بِه النَّاسُ) بفتح المثنَّاة التَّحتيَّة، من تحدث.
          ولأبي ذَرٍّ: «مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِه»، بتقديم (النَّاسُ) على الجارِّ والمجرورِ.
          قوله: (الشَّأْنَ) أي: الحال القائم بكِ من شدَّة الكَرْب والغَمِّ.
          قوله: (لَقَلَّمَا) اللَّام للتَّأكيد، و(قَلَّ) فعلٌ ماضٍ، و(مَا) بعدَها زائدةٌ للتَّأكِيد.
          قوله: (وَضِيْئَةٌ) بالرَّفْع صِفةُ (امْرأَةٌ)، أو بالنَّصْب على الحال.
          الوَضِيْئةُ _بالضَّادِ المعجمة، والهمْزة، والمدِّ، على وزْنِ عَظِيْمَةً_ مِن الوَضَاءَةِ، وهي الحسْنُ والجمالُ، وكانتْ عائشةُ ╦ كذلكَ.
          ولمسلمٍ(25) من رِواية ابنِ مَاهَانَ: «حَظِيَّةً»، من الحِظْوَةِ، أي: وَجِيْهةً رَفيْعةَ المنْزِلةِ.
          قولُه: (ضَرَائِرُ) جَمْعُ ضَرَّةٍ، وزَوجاتُ الرَّجُلِ ضَرَائِرُ؛ لأنَّ كلَّ واحدة يحصلُ لها الضَّرَرِ منَ الأُخرى بالغَيْرة.
          قوله: (إلَّا أَكْثَرْنَ عَلَيْها) أي: إلَّا أكثرَ نساءُ ذلك الزَّمان بالقَول في عيبِها / ونقصِها، فالاستثناءُ منقطعٌ.
          أوْ بعضُ أتباع ضَرائرِها، كحَمْنةَ بنْتِ جَحْشٍ، أُخْت زَيْنَبَ أُمِّ المؤمنين، فالاستثناءُ متَّصلٌ.
          والأوَّلُ هو الرَّاجِحُ؛ لأنَّ أُمَّهاتِ المؤمنين لم يَعِبْنَها، سلمنا أنَّه متَّصلٌ، لكن المراد بعضُ أتباع الضَّرائرِ، كقولِه تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا} [يوسف:110].
          فأطلقَ الإياسَ على {الرُّسُلُ}، والمراد: بعضُ أتباعِهم.
          وأرادتْ أُمُّها بذلك أن تُهوِّن عَلَيها بعضَ ما سمِعتْ؛ فإنَّ الإنسان يتأسَّى بغَيْره فيما يقعُ له، وطيَّبت خاطِرَها بإشارتها بما يُشعر بأنَّها فائقة الجَمال والحِظْوة عِنْده صلعم.
          قوله: (فَقُلْتُ: سُبْحَانَ الله) أي: تعجُّباً من وُقوع مثلِ ذلك في حقِّها مَع براءتها المحقَّقة عندها، وقد نطقَ القرآنُ الكريم بما تلفَّظت به، فقالَ تعالى عِنْد ذلك: {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور:16].
          قوله: (يَتَحَدَّثُ) بالمضارع المفْتوح الأوَّل.
          ولأبي ذرٍّ: «تَحدَّثَ»، بالماضي.
          وفي روايةِ هِشامِ بنِ عُرْوةَ عِنْد البُخاريِّ: «فاستَعْبَرتْ، فبكيتُ، فسمعَ أَبو بكْرٍ صَوْتي وهو فَوْق البَيْت يقرأ، فقالَ لأُمِّي: ما شأْنها؟ فقالتْ: بلغَها الذي ذُكر مِنْ شأْنِها، فَفاضَتْ عَيْناهُ، فقال: أقسمتُ عليكِ يا بنيَّة إلَّا رجَعْتِ إلى بَيْتكِ، فَرَجَعْتُ».
          قوله: (قَالَتْ) أيْ: عائشةُ.
          قوله: (لا يَرْقَأُ) بالقافِ والهمْزِ، أي: لا ينقطِع، يقال: رَقَأَ الدَّمْعُ، أي: سَكَنَ وانْقَطَعَ.
          وقوله: (ولا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ) وذلك لأنَّ الهمُومَ مُوجِبةٌ للسَّهَرِ وسَيَلانِ الدُّمُوعِ.
          وفي المَغازي: عَن مَسْرُوْقٍ، عنْ أُمِّ رُوْمانَ: «قالتْ عائشةُ: سَمِعَ رَسولُ الله صلعم؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَتْ: وأَبو بكْرٍ؟ قالتْ: نَعَمْ، فَخَرَّتْ مَغْشِياً علَيْها، فما أفاقَتْ إلَّا وعَلَيها حُمَّى بِنافِضٍ، فَطَرَحْتُ عليْها ثَيابَها، فغَطَّتْها» [خ¦4143].
          قوله: (اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ) أي: تأخَّر، وقولُه: (الوَحْيُ) بالرَّفْع فاعلٌ.
          وقالَ ابنُ العراقيِّ: ضبطناهُ بالنَّصْب على أنَّه مفعولٌ، أي: استبطأَ النَّبيُّ صلعم (الوَحْيَ)، وكلامُ النَّوويِّ يدلُّ على الرَّفْعِ.
          قوله: (يَسْتَشِيْرُهُمَا) جملةٌ حاليَّةٌ، وإنَّما استشارَهُما لعِلْمه بأهليِّتِهما للمشورةِ.
          قوله: (في فِرَاقِ أَهْلِهِ) لم تقُل: في فِراقي، لكراهتِها التَّصْريح بإضافةِ الفِرَاقِ إليها.
          قوله: (في نَفْسِهِ) أي: النَّبيِّ صلعم.
          وقوله: (مِنَ الوُدِّ لَهمْ) بَيانٌ ﻟ (الذي يَعْلَمُ في نَفْسِهِ).
          و(الوُدِّ) المَحبَّة.
          قوله: (أَهْلُكَ) بالرَّفْع، خَبَرٌ لمبتدإٍ محذوفٍ، أي: هُم أَهْلُكَ.
          وجَوَّز بعضُهم النَّصْبَ، أي: أمسِك أهْلَك، لكن الأَوْلى الرَّفْعُ لرِوايةِ مَعْمَرٍ حيثُ قال: «هُمْ أَهْلُكَ»، وعَبَّر بالجمْع إشارةً إلى تعميم أُمِّهاتِ المؤمنين بالوَصْف المذكور، أوْ أرادَ تعظيمَ عائشةَ، وليس المرادُ أنَّه تبرَّأَ من الإشارةِ ووَكَّل الأمْرَ في ذلك إلى النَّبيِّ صلعم، وإنَّما أشارَ وبرَّأَها.
          قولُه: (وَلَا نَعْلَمُ والله إلَّا خَيْراً) إنَّما حَلَفَ ليَقوى عِنْده ╕ براءتها ولا يشك.
          وسقطَ لفظُ: «والله» لأَبي ذَرٍّ.
          قوله: (لَمْ يُضَيِّقِ اللهُ عَلَيْكَ) وللحَمُّوْييِّ والمُسْتَمْلِيِّ: (لم يُضَيَّقْ عَلَيْكَ) بحذْفِ الفاعِل للعِلْم به، وبناءِ الفِعْلِ للمَفْعولِ.
          قوله: (وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيْرٌ) بصيغة التَّذكير للكُلِّ على إرادة الجنْس.
          وللواقِدِيِّ: «قدْ أَحَلَّ اللهُ لَكَ وأَطابَ، طَلِّقْها وانْكَحْ غَيْرَهَا».
          وإنَّما قالَ ذلك لما رأى عِنْده ╕ من القَلَقِ والغَمِّ لأجْل ذلك، وكانَ شديدَ الغَيْرة صَلَواتُ الله وسلامُه عَلَيه، فرأَى أنْ يفارِقَها / ليسكن ما عِنْده بسببِها إلى أن يتحقَّق براءتها فيراجعها، فبذلَ النَّصيحةَ لإراحتِه لا عداوةً لعائشةَ.
          وقال في «بهْجة النُّفُوس»: ممَّا قرأتُه فيها، لم يجزمْ عليٌّ بالإشارة بفراقِها؛ لأنَّه عقَّب ذلك بقولِه: «واسْألِ الجارِية تَصْدُقْكَ»، ففوَّض الأمْرَ في ذلك إلى نَظَره ╕.
          فكأنَّه قال: إنْ أردتَ تعجيل الرَّاحة ففارِقْها، وإن أردتَ خلافَ ذلك فابحثْ عن حقيقة الأمْرِ إلى أن تطَّلع على براءتها؛ لأنَّه كان يتحقَّق أن بَرِيْرَةَ لا تُخبره إلَّا بما علمَتْ وهي لم تعلم عنْ عائشةَ إلَّا البَراءة المحضة.
          قوله: (تَصْدُقْكَ) بفَتْح التَّاءِ، وسُكُونِ الصَّادِ، وضمِّ الدَّال، والجزْم في جواب الأمْرِ، أي: تُخبرك بالصِّدْقِ، فدعا رسولُ الله صلعم بَرِيْرةَ.
          قال الزَّرْكَشيُّ(26): قيل: إنَّ هذا وَهَمٌ؛ لأنَّ بَرِيْرةَ إنَّما اشترتها عائشةُ وأعتقتها قبل ذلك.
          ثمَّ قال: والمَخْلص مِن هذا الإشْكال أنَّ تفسيرَ الجارِية بِبَرِيْرةَ مُدْرَجٌ في الحديث منْ بعضِ الرُّواة ظَنّاً مِنْه أنَّها هيَ.
          قال في «المصابيْح»[6/86]: وهذا الأمرُ الذي قالَه الزَّرْكَشيُّ ضعيفٌ، فإنَّه لم يرفعِ الإشكالُ إلَّا بنسبة الوَهَمِ إلى الرَّاوي.
          قال: والمخْلَص عِنْدي من الإشكالِ الرَّافِع لتوهُّم الرُّواة وغيرهم: أنْ يكون إطْلاقُ الجارِية على بَرِيْرةَ _وإنْ كانت معتقةً_ إطْلاقاً مَجازِياً باعْتبارِ ما كانتْ عليه، واندفعَ الإشكالُ ولله الحمْدُ. انتهى.
          وهذا الذي قالَه بناءً على سبقية عِتْقِ بَرِيْرةَ، وفيه نَظَرٌ؛ لأنَّ قصَّتَها إنَّما كانت بعد فَتْح مكَّةَ؛ لأنَّها لما خيّرت فاختارتْ نَفْسَها، كان زوجُها يتبعُها في سككِ المديْنة يَبْكي علَيْها، فقال رسولُ الله صلعم للعَبَّاسِ: «يا عَبَّاسُ، ألَا تَعْجَبُ مِنْ حُبٍّ مُغِيْثٍ بَرِيْرَةَ» [خ¦5283].
          ففيه دِلالةٌ على أنَّ قصَّة بَرِيْرةَ كانتْ متأخِّرةً في السَّنة التَّاسعة أَوِ العاشرة؛ لأنَّ العبَّاسَ إنَّما سكنَ المديْنة بعد رُجوعهم منْ غَزْوة الطَّائفِ، وكان ذلك في أواخرِ سنة ثمانٍ، ويؤيِّدُ ذلك قولُ ابنِ عبَّاسٍ أنَّه يشاهد ذلك، وهو إنَّما قَدِمَ المديْنةَ مَع أَبَوَيْه.
          وفي ذلك رَدٌّ على مَن زَعَمَ أنَّ قصَّتَها كانت متقدِّمةً قبل قصَّة الإفْكِ، وحملَه على ذلك قولُه هنا: «فَدَعَا رَسُوْلُ الله صلعم بَرِيْرةَ».
          وأُجِيْبَ باحتمالِ أنَّها كانت تخدمُ عائشةَ قبل شرائها، أوِ اشترتها وأخَّرت عِتْقَها إلى بعد الفَتْح أو دام حُزْن زوجِها عليها مدَّةً طويلةً، وكان حصل لها الفسخ، وطلبت أن تردَّه بعقدٍ جديدٍ، أوْ كانت لعائشةَ، ثمَّ باعتها، ثمَّ استعارتها بعد الكِتابة.
          قوله: (يَرِيْبُكِ) بفتح الياءِ وضمِّها.
          قوله: (فَقَالَتْ بَرِيْرَةُ) هذا الجوابُ على سبيل العُموم؛ لأنَّها نَفَتْ عنْها كلَّ ما كان من النقائص من جنس ما أرادَ النَّبيُّ صلعم السُّؤالَ عنها وغيره.
          قوله: (إِنْ رَأَيْتُ) بكسرِ الهمْزة، أي: ما رأيتُ، ﻓ (إنْ) نافيةٌ بمعنى: ما.
          قوله: (أَغْمِصُهُ) بهمْزةٍ مفْتوحةٍ، فغَينٌ مُعجمةٌ ساكنةٌ، فميمٌ مكْسورةٌ، فصادٌ مهمَلةٌ، أي: أَعيبُه.
          قوله: (قَطُّ) وفي رِوايةٍ حذف (قَطُّ).
          قوله: (أَكْثَرَ) بالنَّصْب، صفةٌ ﻟ (أَمْراً).
          قوله: (جَارِيةٌ) أي: أُنثى.
          وقوله: (حَدِيْثةُ السِّنِّ) أي: قليلته.
          قوله: (تَنَامُ عَنِ العَجِيْنِ) أي: لأنَّ الحديثَ / السِّنّ يغلبُه النَّومُ ويكثر عليه.
          قوله: (الدَّاجِنُ) بدالٍ مُهملةٍ، ثمَّ جيمٌ: الشَّاةُ التي تألفُ البُيوت ولا تخرُجُ إلى المرعى.
          وفي رِوايةِ مِقْسَمٍ مَوْلى ابنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عائشةَ عِنْدَ الطَّبَرانيِّ(27): «ما رأيتُ مِنْها شيئاً مُنْذ كنتُ عِنْدها، إلَّا أنِّي عَجَنْتُ عَجِيْناً لي، فقلت: احْفَظي هذه العَجِيْنةَ حتَّى أَقْتَبِسَ ناراً لأَخْبزها، ففعلت(28)، فَجَاءَتِ الشَّاةُ فأكَلَتْهَا».
          وهو تفسيرُ المرادِ بقَولها: (فَتَأْتِي الدَّاجِنُ).
          قوله: (فَقَامَ) أي: على المنْبر خَطيْباً.
          قوله: (فَاسْتَعْذَرَ) هو بالذَّال المُعجَمة.
          وقوله: (فَقَالَ...) إلى آخرِه، معطوفٌ على (اسْتَعْذَرَ) من قَبيل عطف التَّفسير.
          قوله: (يَعْذِرُنِي) بفَتْح حَرْف المُضارعة، وبكسرِ الذَّال المُعجمة، مَنْ يقومُ بعُذْري إنْ كَافأته على قَبيحٍ فعلِه، ولا يلومني، أَو: مَنْ ينصُرني.
          قوله: (وَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً) زادَ الطَّبرانيُّ(29) في رِوايةٍ: «صَالِحاً»، وذلك الرَّجُلُ هو صَفْوانُ بنُ المُعطَّلِ.
          قولُه: (سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ) وهُو سيِّدُ الأَوْسِ.
          وسقَطَ لأَبَوَي ذَرٍّ والوَقْتِ: «بنُ مُعاذٍ».
          واستشكل ذِكْرُ سَعْدِ بنِ مُعاذٍ _هُنا_ بأنَّ حديثَ الإفْكِ كان سنةَ ستٍّ في غَزْوة المُرَيْسِيْعِ كما ذكَره ابنُ إسحاقَ، وسَعْدُ بنُ مُعاذٍ ماتَ سنةَ أَربعٍ منَ الرَّمْيةِ التي رميها بالخنْدَق!؟
          وأُجيب بأنَّه اختلفَ في المُريْسِيعِ.
          وقد حكى البخاريُّ، عن مُوسى بنِ عُقْبةَ أنَّها كانتْ سنةَ(30) أربعٍ، وكذلك الخندق، فتكون المُرَيْسِيْعُ قبلَها؛ لأنَّ ابنَ إسحاقَ جَزَمَ بأنَّها كانت في شَعْبان، وأنَّ الخنْدَقَ كانت في شَوَّال، فإنْ كانا في سنةٍ استقامَ ذلك، لكن الصَّحيح في النَّقْل عَن مُوسى بن عُقْبةَ أنَّ المُريْسِيعَ سنة خمْسٍ، فما في البُخاريِّ عنْه مِن أنَّها سنة أرْبعٍ سبقُ قَلَم، والرَّاجحُ أنَّ الخنْدَقَ _أيضاً_ في سنة خمسٍ خلافاً لابنِ إسحاقَ، فيصح الجوابُ.
          قوله: (أَنا وَالله) ولأبي ذَرٍّ، عنِ المُسْتَمْلِيِّ: «والله أَنا».
          قوله: (أَعْذِرُكَ) بكسر الذَّالِ.
          قوله: (إنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ) أي: قَبيلتِنا.
          وقوله: (ضَرَبْنَا عُنُقَهُ) إنَّما قال ذلك لأنَّه كان سيِّدهم كما مرَّ، فجزمَ بأنَّ حُكْمَه فيهم نافذٌ، ومن آذاه صلعم وجبَ قتلُه.
          قوله: (مِنْ إخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ).
          (مِنْ) الأُولى تبعيضيَّة، والثَّانية بَيانيَّة.
          ولأبي ذَرٍّ: «مِنْ إخْوانِنَا الخزْرَجِ»، بإسقاطِ البَيانيَّةِ.
          قوله: (أَمَرْتَنَا، فَفَعَلْنَا فِيْهِ أَمْرَكَ) إنَّما قال ذلك لما كان بينهم مِن قبلُ، فبقيتْ فيهم بعدُ أَنَفَةٌ أن يحكمَ بعضُهم في بعضٍ، فإذا أمَرَهمُ النَّبيُّ صلعم امْتثلوا أمْرَه.
          قوله: (فَقَامَ) أي: بعد أن فرغَ سَعْدُ بنُ مُعاذٍ من مَقالته.
          قوله: (سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ) شَهِد العَقَبةَ، وكان أحدَ النُّقباءِ، ودَعا لَه صلعم فقال: «اللَّهمَّ اجْعَلْ صَلَواتِكَ وَرَحْمَتَكَ على آلِ سَعْدِ بنِ عُبادَةَ»[د 5185، س 10157، حم 15514].
          رَواهُ أبو داوُدَ[5185].
          قوله: (صَالِحاً) أي: كامِلاً في الصَّلاح، ولكن تابَ بَعْد ذلك تَوْبةً صالحةً ╩.
          وقوله: (وَلكِن) ولأبوي ذَرٍّ والوقْت: «وكانَ».
          وقوله: (احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ) أي: أغضبتْه من مقالةِ سَعْد بنِ مُعاذٍ.
          وقوله: (فَقَالَ) أي: لابن مُعاذٍ.
          وقوله: (كَذَبْتَ) زادَ في رِواية / أبي أُسامةَ في التَّفسير(31): «أمَا والله لَو كانَ مِنَ الأَوْسِ ما أَحْبَبْتَ أنْ تَضْرِبَ عُنُقَهُ».
          وقوله: (لَعَمْرُ الله) بفَتْح العَين، أي: وبقاءُ الله.
          ولأبي ذََرٍّ، عنِ المُسْتَمْلِيِّ: «وَالله لا تَقْتُلُهُ».
          قال في «الفتح»[8/472_473]: وفُسِّر قولُه (لا تَقْتُلُهُ) بقولِه: (ولا تَقْدِرُ على ذلكَ)، أي: لأنَّا نمنعُك منْه، ولم يُردْ سَعْد بنُ عُبادةَ الرِّضا بما نقلَ عن عبدِ الله بن أُبَيٍّ، ولم تُرد عائشةُ أنَّه ناضلَ عنِ المُنافِقين.
          وأمَّا قولُها (قَبْلَ ذلِكَ): (وكانَ رَجُلاً صَالِحاً)، أي: لم يتقدَّمْ منْه ما يتعلَّق بالوقوف مع أَنَفَةِ الحمِيَّةِ ولم تغمصه(32) في دِيْنه، لكن كان بين الحيَّين مُشاحنة قبلَ الإسلام، ثمَّ زالت بالإسلام وبقيَ بعضُها بحكم الأَنَفَةِ، فتكلَّم سَعْد بنُ عُبادَةَ بحكم الأَنَفَةِ ونفى أن يحكمَ فيهم سَعْد بنُ مُعاذٍ.
          وقد وقعَ في بعض الرِّواياتِ بَيانُ السَّبب الحاملِ لسَعْد بنِ عُبادةَ على مَقالته هذه لابن مُعاذٍ، فَفي رِوايةِ ابنِ إسحاقَ: «فقالَ سَعْدُ بنُ عُبادَةَ: ما قلتَ هذه المقالةَ إلَّا أنَّك علمتَ أنَّه مِنَ الخزْرَجِ».
          وفي رِوايةِ يحيى بنِ عبد الرَّحمن بنِ حاطبٍ عِنْد الطَّبرانيِّ(33):
          «فقالَ سَعْدُ بنُ عُبادَةَ: يا ابنَ مُعاذٍ، والله ما بكَ نُصْرةُ رسولِ الله صلعم، ولكنَّها قد كانتْ بيننا ضَغائنُ في الجاهليَّة لم تَحْلِلْ لَنا مِن صُدُوْرِكُم، فقالَ ابنُ مُعاذٍ: اللهُ أعلمُ بما أردْتُ».
          وفي «بهْجة النُّفوس»: إنَّما قال سَعْدُ بنُ عُبادةَ لابن مُعاذٍ: «كَذَبْتَ، لا تَقْتُلُهُ»، أي: لا تجد لقتْلِه من سبيلٍ لمُبادرتِنا قبلك لقتْلِه، (وَلَا تَقْدِرُ على ذلك)، أي: لوِ امتنعنا من النُّصرة فأنتَ لا تستطيع أن تأخُذَه مِن بينَ أيدينا لقوَّتِنا.
          قال: وهذا غايةُ النُّصْرة؛ إذْ أنَّه يخبر أنَّه في القُوَّة والتَّمْكين، بحيث لا يقْدِر له الأوْس مع قوَّتهم وكثرتهم، ثمَّ مَع ذلك هُم تحت السَّمْع والطَّاعة للنَّبيِّ صلعم، فحملته الحمِيَّةُ مثل ما احتملتِ الأوَّل أو أكثر، فلم يستطع أن يرى غيره قامَ بنُصْرته(34) صلعم وهو قادرٌ عليها، فقالَ لابن مُعاذٍ ما قالَ.
          وإنَّما قالتْ عائشةُ: (وَلكِن احْتَمَلَتْهُ الحمِيَّةُ) لتبِّين شدَّة نُصْرته في القضيَّة مَع إخبارِها بأنَّه صالحٌ، لأنَّ الرَّجُلَ الصَّالحَ أيضاً يعرف منه السُّكون والنَّامُوس، لكنَّه زالَ عنه ذلك من شدَّة ما توالى عليه من الحمِيَّة لنبِيِّه صلعم. انتهى.
          وهذا محْمَلٌ حَسَنٌ، ينفي ما في ظاهرِ اللَّفْظ ممَّا لا يخفى.
          قوله: (أُسَيْدُ بنُ الحُضَيْرِ) بضمِّ الهمْزة مِن أُسَيْدٍ، والحاءِ المُهمَلة وفتحِ المعجمةِ من الحُضَيْرِ، مُصَغَّرَيْنِ.
          زاد في التَّفسير: «وهُو ابنُ عَمِّ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ مِن رَهْطِه» [خ¦4750].
          ولأَبي ذَرٍّ: «بنُ حُضَيْرٍ».
          قوله: (فَقَالَ) أي: لابنِ عُبادَةَ.
          قوله: (كَذَبْتَ لَعَمْرُ الله، وَالله لَنَقْتُلَنَّهُ) أي: ولو كان من الخزْرِجِ، إذا أمرَنا رسولُ الله صلعم بذلك، وليست لكُم قُدْرةٌ على منعنا.
          قابلَ قوله لابن مُعاذٍ (كَذَبْتَ، لا تَقْتُلُهُ)، بقولِه: (كَذَبْتَ لَنقْتُلنَّه).
          قوله: (فَإنَّكَ مُنَافِقٌ) قالَ لهُ ذلك مُبالغةً في زَجْره عنِ القول الذي قالَه، أي: إنَّك تصنعُ صَنيعَ المُنافقين، وفسَّره بقوله: (تُجادِلُ عَنِ المُنافِقِيْنَ).
          قالَ المَازَرِيُّ(35): لم يُرد نِفاقَ الكُفْر، وإنَّما أراد / به أنَّه يظهر الوَدَّ للأوْس ثمَّ ظَهَرَ منه في هذه القضيَّة ضدّ ذلك، فأشبه حال المنافق؛ لأنَّ حقيقتَه إظهارُ شيءٍ وإخفاءُ غيرِه.
          وقال ابنُ أبي جَمْرةَ: وإنَّما صدَر ذلك منهم لأجْل قوَّة حال الحمِيَّة التي غطَّت على قُلُوبهم حين سمِعوا ما قالَ رسولُ الله صلعم، فلم يتمالك أحَدٌ منهم إلَّا قامَ في نُصْرته؛ لأنَّ الحالَ إذا وردَ على القَلْب ملكه فلا يرى غير ما هو بسبيلِه، فلمَّا غلبهم حال الحمِيَّةِ لم يراعوا الألفاظ، فوقعَ منهم السباب والتَّشاجر لغيبتهم لشِدَّة انزعاجِهم في النُّصْرة.
          قوله: (فَثَارَ) بالثَّاءِ المثلَّثة.
          وقوله: (الحَيَّانِ) بمُهملةٍ، فتَحْتيَّةٌ مُشددةٌ، تثنيةُ حَيٍّ، أي: نهضَ بعضُهم إلى بعضٍ من الغَضَب.
          قوله: (حَتَّى هَمُّوا) زادَ في المغازي والتَّفسير: «أن يقْتتِلُوا» [خ¦4141] [خ¦4750].
          قوله: (فَخَفَّضَهُمْ) أي: سكَّتهم وهوَّن عليهم الأمرَ.
          قوله: (يَوْمِي) بكسرِ الميمِ وتخفيف الياءِ.
          قوله: (لا يَرْقَأُ) بالهمْزة، أي: لا يسكن ولا ينقطع.
          قوله: (وَلَا اكْتَحِلُ بِنَوْمٍ) لأنَّ الهمَّ مُوجبٌ للسَّهَر وسَيَلان الدُّموعِ.
          قولُه: (فَأَصْبَحَ عِنْدِي أَبَوَايَ) أي: أبو بكْرٍ الصِّدِّيقُ وأُمُّ رُوْمانَ، أي: جاءَا إِلى المَكان الذي هيَ فيه من بيتِهما.
          قوله: (قَدْ) ولأبوي ذَرٍّ والوَقْتِ: «وَقَدْ».
          قوله: (لَيْلَتَيْنِ) بالتَّثنية.
          ولأبي ذَرٍّ، عن الحَمُّوْييِّ والمُسْتَمْلِيِّ: «لَيْلَتي».
          قال الحافظُ ابنُ حَجرٍ(36): في رِواية الكُشْمَيهَنيِّ: «لَيْلَتَيْنِ ويَوْماً»، أي: اللَّيلة التي أخبرتها فيها أُمُّ مِسْطَحٍ الخبر، واليومُ الذي خطب فيه ╕ النَّاسَ والتي تليه.
          قوله: (وَيَوْماً) ولأبي الوقْت، عنِ الكُشْميهَنيِّ: «ويَوْمِي»، بكسر الميمِ، وتخفيف الياءِ، ونَسَبَتْهُما _أي: اللَّيلة واليوم_ إلى نفْسِها لما وقعَ لها فيهما.
          قوله: (فَبَيْنَا هُمَا) أي: أَبَوَاي.
          قوله: (وَأَنا أَبْكِي) جُملةٌ حاليَّةٌ.
          قوله: (امْرَأَةٌ) لم تُسمَّ.
          قوله: (فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي) أي: تفجعاً لما نزلَ بعائشةَ وتحزناً عليها.
          قوله: (فَبَيْنَا) بغير ميْمٍ.
          ولأَبِي أُسامةَ، عَن هِشامٍ في التَّفْسير [خ¦4757]: «فأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، فَلَم يَزَالَا حَتَّى دَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ الله صلعم وقد صَلَّى العَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ وقَدِ اكْتَنَفَنِي أَبوَاي عَن يَمْيْني وشِمالِي».
          قوله: (مِنْ يَوْمِ قِيْلَ فِيَّ) بتشديدِ الياءِ.
          ولأبي ذَرٍّ: «يَوْمٍ»، بالتَّنوينِ.
          ولأبوي ذَرٍّ والوقتِ: «لِي».
          قوله: (لا يُوْحَى إلَيْهِ) أي: ليعلم المتكلِّم من غيره.
          وقوله: (في شَأْنِي) أي: أمْري وحالي.
          وقوله: (شَيْءٌ) ولأبوي ذَرٍّ والوَقْت، عن الكُشْميهَنيِّ: «بِشَيْءٍ».
          قوله: (قَالَتْ) أي: عائشةُ.
          قوله: (فَتَشَهَّدَ) أي: النَّبيُّ صلعم.
          وفي رِواية هِشامِ بنِ عُرْوَةَ: «فحمدَ الله وأَثْنى عليْه».
          قوله: (كَذا وَكذَا) هُو كنايةٌ عمَّا رُميت به من الإفْكِ.
          قوله: (فَسَيُبَرِّئُكِ الله) أي: بوَحْيٍ يُنزله.
          قوله: (وَإنْ كُنْتِ أَلْممْتِ) زادَ في رِواية أبوي ذَرٍّ والوَقْت: «بِذَنْبٍ»، أي: وقعَ مِنْكِ على خلافِ العادةِ.
          وفي رِوايةِ أبي أُوَيْسٍ عِنْد الطَّبرانيِّ(37): «إنَّما أَنْتِ مِنْ بناتِ آدَمَ، إنْ كُنْتِ أخْطأْتِ فَتُوْبِي».
          قولُه: (ثُمَّ تَابَ) أي: مِن ذَنْبِه ورجعَ إلى الله تعالى.
          قوله: (تَابَ اللهُ عَلَيْه) أي: قَبِل توبتَه.
          قوله: (قَلَصَ دَمْعِي) بفَتْح القافِ واللَّام، آخرُه صادٌ مهملةٌ، أي: انقطعَ؛ لأنَّ الحزنَ والغضبَ إذا أخذا حدَّهما فُقدَ الدَّمع لفرطِ حرارةِ المُصيْبة.
          قوله: (مَا أُحِسُّ) بضمِّ الهمْزة، وكسرِ المُهملة، أي: ما أجدُ.
          قوله: (إِنِّي لَبَرِيْئةٌ) بكسر همْزة (إنّ) لوجود لام الابْتداءِ المعلقة ﻟ (يَعْلَمُ). /
          قوله: (لا تُصَدِّقُوْنِي) ولأبي ذَرٍّ: «لا تُصَدِّقُوْنَني».
          قوله: (لَتُصَدِّقُنِّي) بضمِّ القافِ، وإدْغام إحدى النُّونَين في الأُخرى.
          قوله: (أَبا يُوْسُفَ) أي: وهو يعقوبُ ╕.
          وقوله: (إذْ) أي: حِيْن.
          قوله: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} [يوسف:18] أي: فأمْري صبرٌ جميلٌ، لا جزعَ فيه على هذا الأمْرِ.
          وفي مُرسل حِبَّانَ بنِ أبي جَبَلَةَ(38) قال: سُئل رسوْلُ الله صلعم عَن قولِه: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} قال: «صَبْرٌ لا شَكْوى فِيْهِ».
          أي: إلى الخلْقِ.
          قال صاحبُ «المصابِيْح»[6/90]: إنَّه رأى في بعضِ النُّسخ: {فَصَبْرٌ} بغَيْر فاءٍ، مُصحَّحاً عليه كرِوايةِ ابنِ إسْحاقَ في «سِيْرتِهِ».
          قوله: {عَلَى مَا تَصِفُونَ} أي: على ما تذْكُرون عنِّي ممَّا يعلمُ اللهُ براءتي منْه.
          قوله: (ثُمَّ تَحوَّلْتُ على فِرَاشِي) زادَ ابنُ جُرَيْجٍ في رِوايتِه: «وَوَلَّيْتُ وَجْهِي نَحْو الجِدارِ».
          قوله: (وَلكِنْ) هو بتخفيف النُّونِ.
          قوله: (يُنْزِلَ) بضمِّ أوَّلِه، وسُكُون ثانيه، وكسرِ ثالثِه، وحذف الفاعل للعِلْم به.
          قوله: (وَحْياً) زاد في رِواية يُونس: «يُتلى».
          قوله: (يُتكَلَّمَ بالقُرآنِ) بضمِّ ياءِ (يُتكلَّمَ).
          وعِنْد ابنِ إسحاقَ: «يُقْرأُ في المساجِدِ ويُصلَّى بِه».
          قولُه: (يُبَرِّئُنِي اللهُ) ولأَبوي ذَرٍّ والوَقْت: «تُبرئنِي»، بالمثنَّاة الفوقيَّة وحذفِ الفاعِل.
          قوله: (مَا رَامَ) أي: فارَقَ، مِنْ رَامَ يَرِيْمُ رَيْماً، وأمَّا مِن طَلَبِ الشَّيءِ فيُقال فيهِ: رَامَ يَرُوْمُ رَوْماً.
          قوله: (مِنْ أَهْلِ البَيْتِ) أي: الذين كانوا إذْ ذاكَ حُضوراً.
          قوله: (حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ) ولأبي ذَرٍّ، عنِ الكُشْميهَنيِّ: «حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ».
          قوله: (البُرَحَاءِ) بضمِّ الموحَّدة، وفتح الرَّاءِ، ثمَّ مهملة، ممْدوداً: العَرَقِ، مِن شِدَّةِ ثِقَلِ الوَحْيِ.
          قوله: (لَيَتَحَدَّرُ) بتشديدِ الدَّالِ، واللَّامُ للتَّأكيدِ، أي: يَنْزِلُ ويَقْطُرُ.
          قوله: (مِثْلُ الجُمَانِ) بكسرِ الميْم، وسُكون المثلَّثةِ، و(الجُمانِ) بضمِّ الجيْم، وتخفيفِ الميمِ، أي: مثل اللُّؤلُؤ.
          قولُه: (سُرِّيَ) بضمِّ المهملة، وتشديدِ الرَّاءِ المكْسورة، أي: كُشفَ وأُزيلَ.
          قوله: (وهُو يَضْحَكُ) أي: سُروراً.
          قوله: (أَوَّلَ) بالنَّصْب، خبرُ (كانَ) مقدَّمٌ.
          قوله: (يَا عَائِشَةُ احْمَدِي اللهَ).
          وعِنْد التِّرْمذيِّ [3180]: «أَبْشِرِي يَا عائشةُ، ياْ عائشةُ احْمَدِي اللهَ»(39).
          قوله: (بَرَّأَكِ اللهُ) أي: ممَّا نسبَه أهْلُ الإفْكِ إليكِ بِما أنزلَ في القُرآنِ.
          قوله: (فَقَالَتْ) ولأبي ذرٍّ: «قَالَتْ».
          قوله: (قُوْمِي) أي: لأجْلِ ما بشَّركِ به.
          قوله: (فَقُلْتُ: لا وَالله...) إلى آخرِه.
          إنَّما قالتْ ذلك دلالاً عليهم وعَتباً؛ لكونهم تشكَّكوا في حالها، مع عِلْمهم بحُسن طرائقها وجميل أحْوالها وارْتفاعها عمَّا نُسب إليها ممَّا لا حُجَّة فيه ولا شبهة.
          قوله: (إلَّا اللهَ) أي: الذي أنزلَ بَراءتي، وأنعمَ عليَّ بما لم أكنْ أتوقَّعه مِن أن يتكلَّمَ اللهُ فِيَّ بقُرآنٍ يُتلى.
          قوله: {بِالْإِفْكِ} أيْ: بأبلغ ما يكون من الكذبِ.
          قوله: {عُصْبَةٌ} جماعةٌ مِن العشرة إلى الأربعين.
          والمرادُ: عبدُ الله بنُ زَيْدٍ، وعبدُ الله بنُ رِفَاعةَ، وحَسَّانُ بنُ ثابتٍ، ومِسْطَحُ بنُ أُثاثَةَ، وحَمْنةُ بِنْتُ جَحْشٍ، ومن ساعدهم.
          قوله: (الآيَاتِ) أي: في بَراءتِهم وتعظيمِ شأْنهم، والوَعيْد لمن تكلَّم فيهم، والثَّناء على من ظنَّ فيهم خَيْراً.
          قوله: (فَلَمَّا أَنْزَلَ) أي: وطابتِ النُّفوس، وتابَ اللهُ على مَن كان تكلَّمَ من المؤمنين في ذلك، وأُقيْم الحدُّ على مَن أُقيْمَ عليه.
          قوله: (وَكَانَ يُنْفِقُ على مِسْطَحٍ) أي: لأجْل قرابتِه؛ وذلك لأنَّ أُمَّ مِسْطَحٍ سَلْمى(40) بنتُ خالةِ الصِّدِّيْقِ، وكان مِسْطَحٌ مِسْكيناً.
          ومِسْطَحٌ بكَسْر الميْم، وسُكون المُهمَلةِ.
          وقولُه: (أُثاثَةَ) بضمِّ الهمْزة، / وبمُثلَّثتَين، بينَهما ألِفٌ.
          قوله: (لِقَرَابَتِهِ) أي: لأجْل قَرابتِهِ.
          قولُه: (شَيْئاً) ولأبي ذَرٍّ، عنِ الكُشْميهَنيِّ: «بِشَيْءٍ».
          قوله: (لِعَائِشَةَ) أي: فيها من الإفْكِ.
          قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ) أي: ليُعطِّف عليه الصِّدِّيقَ.
          قوله: {وَلَا يَأْتَلِ} أي: ولا يَحْلِفُ.
          وقوله: {أُولُو الْفَضْلِ}، أي: الطَّول والإحْسان والصَّدقة.
          وقوله: {وَالسَّعَةِ}، أي: الكَثرة في المالِ.
          قوله: {غَفُورٌ}، أي: والجزاءُ مِن جِنْس العَمَل، فإنْ تغفر يُغفر لك، وكما تَصفح يُصفح عنكَ.
          ولأَبوَي ذَرٍّ والوَقْتِ: {وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا...} إلى قولِه: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:22].
          قوله: (فَقَالَ) أي: عِنْد ذلك.
          قوله: (فَرَجَعَ) بتخفيفِ الجيْم.
          وقوله: (الَّذِي كَانَ يُجْرِي) أي: يُجريه لَه من النَّفقَة.
          فَائدةٌ:
          قالَ ابنُ المقري لوالِده وقَدِ امْتَنَع منَ النَّفقَة عَلَيه ما نصُّه:
لا تَقْطَعَنْ عادةَ بَرٍّ، ولا                     تجعلْ عقابَ المرْءِ في رِزْقِه
فإن أمْرَ الإفْكِ من مِسْطَحٍ                     يحطُّ قَدْرَ النَّجْمِ مِن أُفْقِه
وقد جَرى مِنْه الذي قد جَرى                     وعُوتِبَ الصِّدِّيقُ في حَقِّه
          فأجابَه والدُه:
قَدْ يُمْنَعُ المُضْطرُّ منْ مَيْتةٍ                     إذا عَصى بالسَّيْر في طُرْقِه
لأنَّه يَقْوى على تَوْبةٍ                     تُوجِبُ إيصالاً إلى رِزْقِه
لو لَم يَتُبْ مِسْطَحٌ مِنْ ذَنْبِه                     ما عُوتِبَ الصِّدِّيقُ في حَقِّه
          قوله: (مَا رَأَيْتِ) أي: ما علِمْتِ مِن عائشةَ.
          قوله: (أَحْمِي سَمْعِي) أي: أمنعُ (سَمْعِي) مِن أنْ أقولَ: سَمِعْتُ ولم أَسْمَعْ، (وَبَصَرِي) مِن أنْ أقولَ: أبصرتُ ولم أبصر، فلا أكذبُ فيما سمِعْت ولا فيما أبصرت، بلْ أصدق في ذلك.
          قولُه: (قَالَتْ) أيْ: عائشةُ.
          وقوله: (وَهِيَ) أي: زَيْنَبُ.
          قوله: (تُسَامِيْنِي) بضمِّ التَّاءِ، وبالسِّيْن المهملة، أي: تُضاهيني وتُفاخرني لجمالها ومكانتها عِنْد النَّبيِّ صلعم، مفاعلة من السُّمُوِّ، وهو الارْتفاعُ.
          قوله: (فَعَصَمَهَا اللهُ) أي: حفظَها ومنعَها من أن تقولَ بقولِ أهْل الإفْكِ.
          قوله: (بِالوَرَعِ) أي: بالمُحافظة على دِيْنِها.
          قال الصَّلاحُ الصَّفَديُّ: رأيتُ بخَطِّ ابنِ خلِّكَان:
          إنَّ مُسلماً ناظَرَ نَصْرانياً، فقالَ له النَّصْرانيُّ في خلال كلامِه، مختفياً في خطابِه بقَبيح آثامِه: يا مُسلم، كيفَ كان وَجْه زوجةِ نبيِّكُم عائشةَ في تخلفها عن الركب عند نبيِّكم مُعتذرةً بضياع عِقْدِها؟
          فقالَ له المسلمُ: «يا نَصْرانيُّ، كان وَجْهُها كوَجْه بنت عِمْران لما أَتتْ بعِيْسى تحمله مِن غير زَوْجٍ، فمهما اعتقدْتَ في دِيْنك مِن براءةِ مَرْيمَ، اعْتقدنا مِثْلَه في دِيْنِنا مِنْ براءةِ عائشةَ زَوْج نَبِيِّنا».
          فانقطعَ النَّصْرانيُّ ولم يجِدْ(41) جَواباً.
          وهذا الحديثُ ذَكَره البخاريُّ في باب: تعْدِيل النِّساءِ بعضهنَّ بعضاً منْ كتابِ الشَّهاداتِ.


[1] المصابيح 6/77_78.
[2] المصابيح 6/77_78.
[3] مسند إسحاق بن راهويه 1104 ولم أجدها عند إسحاق.
[4] نقله الحافظ في الفتح 8/458.
[5] شرح البخاري 1/438، 8/42.
[6] أعلام الحديث 2/1311.
[7] نقلها الحافظ في الفتح 8/459.
[8] هو يونس بن يزِيد القُرشيُّ.
[9] «مختار الصِّحاح» مادَّة (فقد) ░58/أ▒.
[10] المعجم الكبير 19118.
[11] مسند البزار 8011.
[12] قوله: «بن حيان» زيادة من «ت»، وفي الأصل و«م»: لابن حبان. وفي «ز6»: عن ابن حبان.
[13] قوله: «وهو أعلى الصدر... أن النحر» زيادة من «ت» و«م» وغيرهما، وسقطت من الأصل.
[14] في البخاري والطبراني والنسائي (صالح) وهو صالح بن كيسان.
[15] كما في الفتح 8/464.
[16] الطبراني 19118.
[17] كما في المصابيح 6/82.
[18] قوله: «ليتني علمت» زيادة من الأصل، وفي «م»: ليت علمي.
[19] ما بين الحاصرتَين منِّي.
[20] ما بين الحاصرتَين منِّي.
[21] شرح مسلم 17/106_107.
[22] كذا في الأصل، وفي «م»: تحت.
[23] ما بين الحاصرتَين منِّي.
[24] المعجم الكبير 19111، والأوسط 582.
[25] كذا في الفتح 8/467 ولم أجده في مسلم.
[26] كما في المصابيح 6/85.
[27] في الكبير 19106، والأوسط 6389.
[28] كذا في الأصل وباقي النُّسخ، وفي «المعجم الكبير» للطَّبرانيِّ: فغفلت.
[29] في الكبير 19092، 19094.
[30] قوله: «ستٍّ في غَزْوة المُرَيْسِيْعِ... عقبة أنها كانت سنة» زيادة من «ت» و«م»، وسقطت من الأصل.
[31] لم أجدها في الصحيح          ! وهي في إسحاق بن راهويه 1177.
[32] كذا في «ت» وباقي النُّسخ، وفي الأصل: تنقصه.
[33] لم أجدها في كتب الطبراني، وهي في مسند إسحاق بن راهويه 1131، وكذا قال ابن حجر في الفتح 8/473 (ففي رواية ابن اسحاق....).
[34] كذا في الأصل، وفي «ت» و«م»: في نصرته.
[35] المعلم بفوائد مسلم 3/344.
[36] الفتح 5/273.
[37] في الكبير 19105، 23/111.
[38] جامع البيان للطبري 18873.
[39] دون العبارة الثانية.
[40] كذا في الأصل، وفي «م»: السلمي.
[41] كذا في الأصل، وفي «م»: يحر.