حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: إن هذا حمد الله ولم تحمد الله

          252- قولُه: (عَطَسَ) [خ¦6225] بفَتْح الطَّاءِ في الماضي، وضمِّها وكسرِها في المضارعِ.
          قال بعضُهم:
قَدْ جاءَ يَعْطُـِسُ مَضْمُوْماً ومُنْكَسِراً                     وجاءَ غايرهُ(1) بالفَتْحِ لا غَيْر
          قوله: (رَجُلَانِ) وهُما عامرُ بنُ الطُّفيْلِ وابنُ أَخِيه، والذي (حَمِدَ اللهَ) هُو ابنُ الأخِ، وعامِرٌ «لَم يَحْمَدِ اللهَ».
          قولُه: (فَشَمَّتَ) أي: النَّبيُّ صلعم، أي: قال: «يَرْحَمُكَ اللهُ»، فتشْميتُ العاطِس الدُّعاءُ لَه، وكُلُّ داعٍ بخَيْرٍ فهو مُشَمِّتٌ ومُسمِّتٌ(2).
          قولُه: (وَلَم يُشَمِّتِ الآخَرَ) أي: لم يَدْع لَه.
          قوله: (فَقَالَ الرَّجُلُ) هو عامِرُ بنُ الطُّفيْلِ.
          قوله: (إنَّ هذا) أي: ابنَ أخِيكَ.
          قوله: (وَلَم تَحْمَدِ اللهَ) وهذا الذي «لم يَحْمَدِ اللهَ» ماتَ كافِراً.
          فإن قلتَ: إذا كان كذلك، فكيفَ خاطبَ النَّبيَّ صلعم بقوله: (يَا رَسُوْلَ الله)!؟
          أَجابَ ابنُ حَجَرٍ / بأنَّه قالَها غيرَ مُعتقدٍ لمدْلُولِها، فقالَها باعتبارِ ما يُخاطبه المُسلمون.
          واعلمْ أنَّ هذا الحُكْمَ عامٌّ وليس مخصوصاً بالذي وقع له ذلك، وإنْ كانتْ واقعةَ حالٍ لا عموم فيها، لكن وردَ النَّهْيُ بذلك في حديثٍ أخْرجَه مُسلمٌ[54/2992]، منْ حديثِ أبي مُوسى بلفظِ: «إذا عَطَسَ أحَدُكُم [فحَمِدَ اللهَ](3) فشَمِّتُوه، وإذا لم يَحْمَدِ الله فلا تُشمِّتُوْهُ».
          وهذا النَّهْيُ للتَّنْزِيه كما عليه الجُمهورُ.
          وقالَ النَّوويُّ(4): يُستحبُّ لمن حضر العاطِس الذي لم يحمَدِ الله تعالى أن يُذكّره الحمْد ليحمدِ الله تعالى فيُشمِّته.
          فقد وردَ عن أبي داوُد صاحِبِ «السُّنَن»(5)، أنَّه كان في سَفينةٍ، فسمعَ عاطِساً على الشَّطِّ حَمِدَ الله تعالى، فاكترى زَوْرَقاً بدِرْهمٍ حتَّى جاءَ إلى العاطِس فشَمَّته.
          فسُئل عن ذلك، فقال: لعلَّه يكون مُجابَ الدَّعْوة.
          فلما رَقَدُوا سَمِعُوا قائلاً يقول: يا أهْلَ السَّفيْنة! إنَّ أَبا داوُدَ اشترى الجنَّةَ منَ الله تعالى بدِرْهَمٍ.
          فَائدَةٌ:
          مَن بادَرَ بتشميتِ العاطِس أَمِنَ مِن وَجَعِ الخاصِرَة والضِّرْسِ.
          وهذا الحديثُ ذَكَره البُخاريُّ في باب: لا يُشمَّتُ العاطِسُ إذا لَم يَحْمَدِ الله.


[1] كذا في «ت» و«ز1» و«ز3» و«ز5»، وفي الأصل و«ز2» و«ف2» و«ف3» و«م»: غابره. وفي «ز4»: غيره.
[2] من «ت» و«ز1» و«ز4» و«ز5» و«ف2» و«ف3»، وليست في الأصل و«ز2» و«ز3» و«م».
[3] من «م»، وليست في الأصل وباقي النُّسخ، وهي في «صحيح مسلم» من حديث أبي مُوسى الأشعريِّ.
[4] ذكرها صاحب الفتح 10/611 ولم أجدها في كتب النووي.
[5] أوردها صاحب الفتح 10/610.