حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم...

          272- قوله: (مَنِ ادَّعَى) بفَتْح الدَّال والعَين المُهمَلتَين، أي: انْتَسبَ.
          قوله: (وَهُوَ يَعْلَمُ) جملةٌ حاليَّةٌ.
          قوله: (فَالجنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ) أيْ: مع السَّابقين.
          أو مَحمولٌ على الزَّجْرِ والتَّغليظِ.
          أو حَرامٌ أبداً إنِ استحلَّ ذلك.
          واستُشكل بأنَّ جماعةً مِن خيارِ هذه الأُمَّة انتَسبوا إلى غير آبائِهم، كالمِقْدادِ ابنِ الأَسْوَدِ؛ إذْ هُو ابنُ عَمْرٍو لا ابنُ الأَسْوَدِ!؟
          وأُجِيْبَ بأنَّ الجاهليَّة كانوا لا يستنكِرون أنْ ينتسِبَ الرَّجُلُ إلى غَيْر أبِيه الذي خرجَ مِن صُلْبِه فيُنسب إليه، ولم يزلْ ذلك في أوَّل الإسلام حتَّى نزلَ: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} [الأحزاب:4]، ونزلَ: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب:5].
          فغلبَ على بعضِهم النَّسَبُ الذي كان يُدعى بِه قبلَ الإسلامِ، فصارَ إنَّما يُذكَر للتَّعريف بالأشهرِ مِن غَيْر أنْ يكون من المدعوِّ تحوّلٌ عن نسبِه الحقيقيِّ، فلا يقْتَضيه الوَعيْد؛ إذِ الوعيدُ المذكورُ إنَّما تعلَّق بمَن انتسبَ إلى غَيْر أبِيه على عِلْمٍ منْه بأنَّه ليس أباهُ على قصد الانتسابِ لَه لأجْل اشتهاره بِه.
          وهذا الحديثُ ذَكَره البخاريُّ في باب: «مَنِ ادَّعى إلى غَيْر أَبِيه» [خ¦6766].