حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة

          55- قوله: (لمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ) [خ¦946] أي: من غَزْوة الأحْزاب، وهي غزْوةُ الخنْدقِ.
          قولُه: (لا يُصَلِّيَنَّ) بنُون التَّوكيْد الثَّقيلة.
          وقوله: (إلَّا في بَنِي قُرَيْظَةَ) فِرْقةٌ من اليَهودِ، وإنَّما نهاهُمُ النَّبيُّ صلعم عنِ الصَّلاة إلَّا في بني قُريظةَ لأنَّهم اجْتَمعوا على نقْضِ العَهْدِ وتَعاهَدوا على حَرْبِ النَّبيِّ صلعم، فأخبَرَ جِبْريلُ(1) النَّبيَّ صلعم بذلك.
          قوله: (لا نُصَلِّي) أي: صلاةَ العَصْرِ (حَتَّى نَأْتِيَها) أي: نأْتي بَني قُريظةَ.
          وقوله: (لَمْ يُرِدْ مِنَّا ذلِكَ) أي: لم يُردْ مِنَّا إخراجَ الصَّلاةِ عنْ وقْتِها، بلْ أَراد مِنَّا شِدَّةَ العجلةِ.
          وقوله: (فَذُكِرَ) بالبناءِ للمَجهولِ.
          وقوله: (ذلِكَ) أي: المذْكور منَ الأمرَيْن.
          قوله: (فَلَمْ يُعَنِّفْ واحِداً مِنْهُمْ) بأنْ تركَ تعنيفَهم؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منْهم مُجتهدٌ، ولا دليل في ذلك على إصابة كُلِّ مجتهدٍ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلعم لم يُصرِّح بإصابةِ الطَّائفتَين، بلْ تركَ تعنيفَهُما.
          ولا خلافَ في تَرْكِ تعنيفِ المجْتهدِ _وإنْ أخطأَ_ إذا بذَلَ وُسْعَه، وسببُ اخْتلافِهم أنَّ الأدِلَّة تعارضَتْ عنْدَهُم، فمَن صلَّى راعى أنَّ الصَّلاةَ مأْمورٌ بها في الوَقْت، وحمَلَ كلامَ المصطَفى صلعم على المبالَغة في العجلةِ.
          ومَنْ أخَّرَ الصَّلاةَ حتَّى خرَجَ الوَقْتُ، فَهِمَ أنَّ المرادَ منْ قَولِه (لا يُصَلِّيَنَّ) المبادَرةُ بالذَّهابِ إليهم حقيْقةً.
          وهذا الحديثُ ذكَرهُ البُخاريُّ في باب: صلاة الطَّالبِ والمطْلوْب.


[1] من هنا يبدأ السَّقط في الأصل.