إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب {لا ينفع نفسا إيمانها}

          ░10▒ (بابٌ) بالتنوين(1)، قوله تعالى: ({لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا}[الأنعام:158]) أي: يوم يأتي بعض آيات ربك _كالدُّخان، ودابَّة الأرض، والدَّجَّال، ويأجوج ومأجوج، وحضور الموت_ { لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} إذا صار الأمر عيانًا، والإيمان برهانًا(2)، وقولُ الزَّمخشريِّ: _«فلم يُفرِّق كما ترى_ بين النَّفس الكافرة إذا آمنت في غير وقت الإيمان، وبين النَّفس التي آمنت في وقته(3) ولم تكسب خيرًا»، ومراده بذلك(4) كما في «الانتصاف» الاستدلال على أنَّ الكافر والعاصيَ في الخلود سواءٌ، حيث سوَّى في الآية بينهما في عدم الانتفاع بما يستدركانه بعد ظهور الآيات _مدفوعٌ بما قاله المحقِّقون_ : إنَّ التقدير: يوم يأتي بعض آيات ربِّك لا ينفع نفسًا إيمانها أو كسبُها في إيمانها حينئذٍ لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا من قبلُ، فيوافق الآياتِ والأحاديثَ الشَّاهدة بأنَّ مجرَّد الإيمان ينفع ويورِث النَّجاة ولو بعد حين، وفي الآية لفٌّ، وأصله: يوم يأتي بعض آيات ربِّك لا ينفع نفسًا لم تكن مؤمنةً قَبْلُ إيمانُها بعدُ، ولا نفسًا لم تكسب في إيمانها خيرًا قَبْلُ ما تكسبه من الخير بعدُ، لكن حَذَفَ‼ إحدى القرينتين، وحاصله: أنَّ الإيمان المجرَّد قبل كشف قوارع السَّاعة نافعٌ، وأنَّ الإيمان المقارَن بالعمل الصالح أنفع، وأمَّا بعدها فلا ينفع شيءٌ أصلًا، ويأتي مزيدٌ لذلك إن شاء الله تعالى(5) في «كتاب الفتن» [خ¦7121] بعون الله وقوَّته(6)(7).


[1] «بالتَّنوين»: مثبتٌ من (ص) و(م).
[2] في (ب) و(س): «برهانيًّا».
[3] في (د): «وقتها»، وفي (ص): «وقت الإيمان».
[4] «بذلك»: ليس في (د).
[5] «إن شاء الله تعالى»: ليس في (م).
[6] «وقوَّته»: مثبت من (ب) و(س).
[7] قوله: «ويأتي مزيدٌ لذلك _إن شاء الله تعالى_ في كتاب الفتن بعون الله وقوَّته»، سقط من (د).