إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قوله:{أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}
  
              

          ░5▒ (باب قوله) سبحانه وتعالى: ({أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ}) قال الزَّجَّاج: الأنبياء الذين ذكرهم ({فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام:90]) الهاء في { اقْتَدِهْ} للوقف، ومن أثبتها في الوصل ساكنة _كالحِرْمِيَّين والبصريِّ وعاصمٍ_ أجرى الوصل مُجرى الوقف، وأشبعها ابن عامرٍ على أنَّها كناية المصدر، أي: اقتدِ اقتداءً، وحذفها الأخوان على أنَّها هاء السَّكت، وقياسها في الوصل الحذف.
          وفي هذه الآية دلالةٌ على فضل نبيِّنا صلعم على سائر الأنبياء؛ لأنَّه سبحانه أمره بالاقتداء بهداهم(1)، ولا بدَّ من امتثاله لذلك الأمر، فوجب أن يجتمع فيه جميع فضائلهم(2) وأخلاقهم المتفرِّقة، فثبت بهذا أنَّه صلعم أفضل الأنبياء، وتقديم قوله: {فَبِهُدَاهُمُ (3)} يفيد حصر الأمر في هذا الاقتداء، وأنَّه لا هدى غيره، والمراد: أصول الدِّين، وهو الذي يستحقُّ أن يُسمَّى الهدى المطلق، فإنَّه لا يقبل النَّسخ، وكذا في مكارم الأخلاق والصِّفات الحميدة المشهورة عن كلِّ واحدٍ من هؤلاء الأنبياء، ولو أُمِرَ بالاقتداء في مشروع تلك الأديان؛ لم يكن دينًا ناسخًا، وكان يجب محافظة كتبهم ومراجعتها عند الحاجة، وبطلان اللَّازم(4) بالاتِّفاق يدلُّ على بطلان الملزوم، وسقط لغير أبي ذرٍّ قوله(5): «باب قوله».

[1] في (ص): «بهم».
[2] في (ص): «خصائلهم» ولعلَّه تحريفٌ.
[3] زيد في (د): { اقْتَدِهْ}.
[4] في (ص): «الملازم»، ثم وزيد في (م): «لازمٌ».
[5] «قوله»: ليس في (د).