إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

[تتمة غريب سورة المائدة الآيات:102- 138]

          ░8▒ ({وَكِيلٌ}) ولأبي ذرٍّ: ”و{وَكِيلٌ}“ بزيادة واوٍ، ومرادُه تفسير {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}[الأنعام:102] أي: (حَفِيظٌ وَمُحِيطٌ بِهِ) كذا فسَّره أبو عبيدة.
          وقوله: {وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ} ({قُبُلاً}) هو (جَمْعُ قَبِيلٍ، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ ضُرُوبٌ لِلْعَذَابِ، كُلُّ ضَرْبٍ مِنْهَا قَبِيلٌ) قال أبو عبيدة: {وَحَشَرْنَا}: جمعنا، و{قُبُلاً}: جمع قبيلٍ، أي: صنفٍ، وقال مجاهد: {قُبُلاً}: أفواجًا قبيلًا قبيلًا، أي: تُعرَض عليهم كلُّ أمةٍ من الأمم، فتخبرهم بصدق الرُّسل فيما جاؤوهم به، {مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ}[الأنعام:111] وقال ابن جريرٍ: ويحتمل أن يكون «القبل» جمع قبيلٍ؛ وهو الضَّمين والكفيل، أي: وحشرنا عليهم كلَّ شيءٍ كُفَلاء(1) يكفلون لهم أنَّ الذي نَعِدُهم حقٌّ، وهو معنى قوله في الآية الأخرى: {أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً}[الإسراء:92]‼. انتهى. وبالكفيل فسَّره(2) البيضاويُّ؛ كالزمخشريِّ والسَّمرقنديِّ وابن عادلٍ وغيرهم، قال في «الفتح»: ولم أرَ من فسَّره بأصناف العذاب؛ فليُحرَّر.
          ({زُخْرُفَ الْقَوْلِ}[الأنعام:112]: كُلُّ شَيْءٍ حَسَّنْتَهُ وَوَشَّيْتَهُ) بتشديد السِّين المهمَلة في الأولى، والشِّين المعجمة في الثَّانية، من التوشية، أي: زيَّنته، و«كلُّ شيءٍ» مبتدأٌ، وتاليه عُطِفَ عليه (وَهْوَ بَاطِلٌ) جملةٌ حاليَّةٌ (فَهْوَ زُخْرُفٌ) خبرُ المبتدأ، ودخلتِ الفاء فيه لتضمُّن المبتدأ معنى الشَّرط، وسقط قوله: «{وَكِيلٌ}: حفيظ...» إلى هنا للحَمُّويي، وثبت للمُستملي والكُشْميهَنيِّ.
          ({وَحَرْثٌ حِجْرٌ}[الأنعام:138]) أي: (حَرَامٌ) والإشارة إلى ما عيَّنوا من الحرث والأنعام للأصنام، أو البحيرة ونحوها (وَكُلُّ مَمْنُوعٍ فَهْوَ حِجْرٌ مَحْجُورٌ) بمعنى: مفعولٍ، ويُطلَق على المذكَّر والمؤنَّث، والواحد والجمع (وَالحجر: كُلُّ بِنَاءٍ بَنَيْتَهُ، وَيُقَالُ لِلأُنْثَى مِنَ الخَيْلِ: حِجْرٌ) بغير هاء(3) تأنيثٍ (وَيُقَالُ لِلْعَقْلِ: حِجْرٌ وَحِجًى) بالحاء المكسورة والجيم (وَأَمَّا الحِجْرُ؛ فَمَوْضِعُ ثَمُودَ، وَمَا حَجَّرْتَ عَلَيْهِ مِنَ الأَرْضِ فَهْوَ حِجْرٌ، وَمِنْهُ سُمِّيَ حَطِيمُ البَيْتِ) الحرام (حِجْرًا، كَأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ مَحْطُومٍ؛ مِثْلُ: قَتِيلٍ، مِنْ مَقْتُولٍ، وَأَمَّا حَجْرُ اليَمَامَةِ) بفتح الحاء (فَهْوَ مَنْزِلٌ) وسقط قوله: «{وَحَرْثٌ حِجْرٌ}...» إلى هنا لأبي ذرٍّ والنَّسفيِّ، قال في «الفتح»: وهو أَولى.


[1] في (د): «كفيلًا»، ولا يستقيم.
[2] زيد في (ص): «به».
[3] في (د): «تاء».