حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: أصليت يا فلان؟

          52- قوله: (جَاءَ رَجُلٌ) [خ¦930] قيل: إنَّه سُلَيْكٌ الغَطَفَانِيُّ، فإنَّه جاءَ وجَلَسَ قبلَ أنْ / يُصلِّي.
          قوله: (يَخْطُبُ النَّاسَ) أي: يَخطُب لهم خُطبة الجُمعة.
          وسقطَ لفظُ (النَّاسَ) عِنْد أبي ذَرٍّ، وثبت عِنْده لأبي الهيْثَم في نُسخةٍ، وزادَ مسلمٌ [58/875]، عَنِ اللَّيْثِ، عن [أبي](1) الزُّبيْر، عَن جابرٍ: «فَقَعَدَ سُلَيْكٌ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّي».
          قوله: (فَقَالَ) أي: النَّبيُّ صلعم، والكلامُ حالُ الخطبةِ جائزٌ عند إمامِنا الأعْظم ╩.
          قوله: (أَصَلَّيْتَ) بهمْزة الاستفهام.
          ولأَبوَي ذَرٍّ والوقْت والأَصيْليِّ وابنِ عَساكرَ، عَنِ الحَمُّوْييِّ والكُشْمَيهَنيِّ فقال: «صَلَّيْتَ» بحذْفها، أي: أصلَّيتَ ركْعتَين خفيفتَين تحيَّة المسجِد؛ فيُستحب للدَّاخل حالة الخطبة تحيَّةُ المسْجِدِ.
          لكن يتجوَّز فيها ليستمعَ الخطبة بعد ذلك، ولا يزِيد على ركعتَين، وهذا مذْهبُ إمامِنا الأعظم والإمامِ أحْمدَ.
          وقالَ الإمامُ مالكٌ وأَبو حَنيفَةَ: لا يُصلِّي التَّحيَّة لأَمْرِ القرآن بالإنْصاتِ وأمْر السُّنَّة به؛ قالَ تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف:204].
          قال صلعم(2) للذي دخَلَ المسجِد يتخطَّى رِقابَ النَّاسِ: «اجْلِسْ، فقدْ آذَيْتَ وآنَيْتَ»، أي: تأخَّرت، وهذا لا يدلُّ على حُرمةِ الصَّلاةِ حالة الخطبةِ.
          قوله: (فَقَالَ) أي: الرَّجُل.
          وفي روايةٍ: (قَالَ).
          وقوله: (لَا) أي: لمْ أُصل.
          قوله: (قُمْ فَارْكَعْ) زادَ المُسْتَمْلِيُّ والأَصِيْلِيُّ: «رَكْعَتَيْنِ».
          وزادَ في رِوايةِ الأَعْمَشِ، عَن أبي سُفيانَ، عنْ جابرٍ عِنْد مُسلمٍ [59/875]: «وَتَجوَّزْ فيْهِما»، ثُمَّ قالَ: «إذا أَتى أحَدُكُم يوْمَ الجمعةِ والإمامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْن، ولْيَتجَوَّزْ فيْهِما».
          فإنْ قلْتَ: إنَّ تحيَّةَ المسجدِ تفوتُ بالجلُوس، مَع أنَّ النَّبيَّ صلعم أمَرَ هذا الرَّجُلَ بالإتيان بها!؟
          أُجِيْبَ بأنَّها لا تفوت إذا قصر الجلوس لعُذْرٍ، وقد كان جُلُوسُ هذا الرَّجُلِ قَصيراً لعُذْرٍ، لكونه جاهِلاً.
          تَنْبِيهٌ:
          لو جاءَ في آخر الخطبة فلا يُصلِّي؛ لئلَّا تفوته أوَّل الجمُعة مَع الإمامِ.
          قال في «المجْمُوع» [4/551]: وهذا محمولٌ على تفصيلٍ ذكَره المحقِّقون، مِن أنَّه(3) إنْ غلَبَ على ظنِّه أنَّه إنْ صلَّاها فاتتْه تكبيرةُ الإحْرام مع الإمام لم يُصلِّ التَّحيَّة، بلْ يقفُ حتَّى تُقامَ الصَّلاة، ولا يقعد لئلَّا يكون جالساً في المسجِد قبلَ التَّحيَّة.
          قالَ ابنُ الرِّفْعةِ(4): ولو صلَّاها / في هذه الحالة، استُحبَّ للإمام أن يزِيدَ في كلام الخطبة بقَدْر ما يكملها، فإنْ لم يفعلِ الإمامُ ذلك:
          قالَ في «الأُمِّ»: كَرِهْتُه لَه، فإنْ صلَّاها وقد أُقيمَتِ الصَّلاةُ كَرِهْتُ ذلك لَه. انتهى.
          وهذا الحديثُ ذكرهُ البخاريُّ في باب: إذا رأى الإمامُ رجُلاً جاءَ وهو يخطب، أمَرَه أنْ يُصلِّي ركعتَين.


[1] ما بين الحاصرتَين منِّي.
[2] د 1118، س 1399 بغير لفظ (وآنيت) وـه 1115 بلفظه.
[3] إلى هنا ينتهي السَّقط في الأصل.
[4] كفاية النبيه في شرح التنبيه 4/388.