حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: أن النبي رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في..

          140- قوله: (رَخَّصَ) [خ¦2919] أي: بَعْد أن «شَكَوا إلى النَّبيِّ صلعم _يَعْني: القَمْلَ_»، وكأنَّ الحِكَّةَ نشأَتْ مِن أَثَرِ القَمْلِ.
          قوله: (في قَمِيْصٍ) / أي: في لبْس قميْصٍ.
          وقوله: (مِنْ حِكَّةٍ) أي: منْ أجْل حِكَّةٍ.
          قال النَّووِيُّ كغيره: والحِكْمةُ في لبس الحرِيْر للحِكَّةِ ما فيه من البُرُودة.
          وتعقِّب بأنَّ الحريْرَ حارٌّ!
          فالصَّوابُ فيه أنَّ الحكْمةَ فيه لِخاصيَّةٍ فيه تدفعُ الحِكَّةَ، وكالحِكَّة فيما ذُكر الحرُّ والبَرْدُ ودفعُ القَمْلِ، وسواءٌ في ذلك السَّفَرُ والحضَرُ.
          وقيل: يجوزُ في السَّفَر دون الحضَر، لوُرود الرُّخصة فيه، والمقيمُ يمكنُه المُداواة.
          وقد أجازَ إمامُنا الشَّافعيُّ وأبو يوسُفَ استعمالَ الحريْرِ للضَّروْرة كفُجَاءةِ حَرْبٍ ولم يَجِدْ غيرَه، ومنعَه مالكٌ وأَبو حَنيْفةَ مُطْلقاً.
          ونقلَ ابنُ حَبيْبٍ، عنِ ابنِ الماجِشُوْنِ استعمالَ لبسِ الحرِيْرِ في الجِهاد والصَّلاةَ به حينئذٍ إرْهاباً للعَدُوِّ، ولقذفِ الرُّعبِ والخشية في قُلُوبهمْ.
          ولِذا رُخِّص في الاختيالِ في الحرْب، وقد قالَ ╕ لأبي دُجَانَةَ وهو يتبختَر في مِشْيتِه: «إنَّها لمِشْيةٌ يَبْغُضُها اللهُ إلَّا في هذا الموطِن»(1).
          وهذا الحدِيث ذكَرَه البُخاريُّ في باب: لبس الحريْر في الحرْبِ.
          وفي رِوايةٍ بَدَلَ (الحرْبِ): (الجَرَبِ).


[1] البيهقي في دلائل النبوة 1083.