التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب قول الرجل لصاحبه: هل أعرستم الليلة؟

          ░125▒ (بَابُ طَعْنِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ في الْخَاصِرَةِ عِنْدَ الْعِتَابِ)
          5250- ذكر فيه حديثَ عَائِشَةَ ♦: (عَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي فَلاَ يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللهِ صلعم وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي).
          وهو حديثٌ مختصرٌ مِن حديثِ التيمُّم السَّابق في الطَّهارة [خ¦334]، زاد ابنُ بطَّالٍ أول الترجمة: قولِ الرَّجلِ لصاحبِه: هل أعْرَسْتُم اللَّيلة وطَعْنِ... إلى آخره، وتُوبعَ ثمَّ قال: لم يُخرِج فيه هنا حديثًا، وأخرج في أوَّل كتاب العَقِيقة روايةَ أنسٍ ☺، قال: كان ابنٌ لأبي طَلْحَةَ يشتكي فخرجَ أبو طَلْحَةَ فقُبض الصَّبيُّ، فلمَّا رجع أبو طَلْحَة قال: ما فعل ابني؟ قالت أمُّ سُليمٍ: هو أسكنُ ممَّا كان... الحديث، إلى أن قال: ((أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ))؟ فذكره.
          وقولها: (يَطْعُنُنِي) هو بضمِّ العين؛ لأنَّه باليد، والطَّعنُ بالقول بالفتح، ذكرَه ابنُ فارسٍ عن بعضهم، وفي رواية أبي زيدٍ: <بِيَدَيْهِ>.
          وفيه إكرامُ المرأة زوجَها، وتسمية الولد أباه باسمهِ، وأدب الرَّجل ابنتَه، وأنَّ الرَّجلَ الفاضل والصَّديقَ الملاطف يجوز أن يسأل صديقَه عمَّا يفعله إذا خلا مع أهله، ولا حرج عليه في ذلك، وفيه أنَّ مَن أُصِيب بمصيبةٍ لم يَعْلم بها أنَّه لا يُهجَمُ عليه بالتَّفزيع بذكرها والتَّعظيم لها عند تعريفِه بها، بل يُرفَقُ به في القول ويُعرَّضُ له بألطف التَّعريض؛ لئلَّا يحدثَ عليه في نفسه ما هو أشدُّ منها؛ فقد جَبَلَ الله النَّفوسَ على غاية الضَّعْف، والنَّاسُ مُتَباينون في الصَّبر / على المصائب ولا سيَّما عند الصَّدمة الأُولى.
          وفيه أنَّ للأب أن يُعَاتب ابنتَه بمحضرِ زوجها ويتناولَها بضربٍ وتهديدٍ وغير ذلك، وذلك مباحٌ له، وقد أخرجَه في الحُدُود في باب: مَن أدَّب أهلَه وغيرَهم دون السُّلطان [خ¦6844].
          فائدةٌ: حديثُ أنسٍ الَّذي أوردناه، وهو سؤال الرَّجل عمَّا فعلَه في أهل بيته مستثنًى مِن النَّهي عنه؛ لأنَّها حالةُ بسطٍ وتسليةٍ للمصائبِ لا سيَّما مع الصَّلاح وانتفاء المَظِنَّة وسقط المزاح، وحديثُ الباب دالٌّ على إمساك الخَاصِرة في مثل هذه الحالةِ، وهو مستثنًى مِن المنعِ.
          آخِرُ شَرْحِ النِّكَاحِ وللهِ الحَمْدُ.