التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب

          ░55▒ (بَابٌ)
          5154- وساق فيه عن يحيى هو القَطَّان: (عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ ☺: أَوْلَمَ النَّبِيُّ صلعم بِزَيْنَبَ فَأَوْسَعَ المُسْلِمِينَ خُبْزًا وَلَحْمًا، فَخَرَجَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ إِذَا تَزَوَّجَ، فَأَتَى حُجَرَ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ يَدْعُو وَيدْعُونَ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَرَأى رَجُلَيْنِ فَرَجَعَ، لاَ أَدْرِي أخْبَرْتُهُ أَوْ أُخْبِرَ بِخُرُوجِهِمَا).
          وذكره في التَّفسير [خ¦4794] بطوله عن عبد الله بن بَكرٍ عن حُميدٍ وفي آخره: وقال ابنُ أبي مريم: أخبرنا يحيى حَدَّثني حُميدٌ. ويحيى هذا هو ابن أيُّوب الغافقيُّ فاعلمْه.
          واعترض ابنُ بَطَّالٍ فقال: الحديث ليس يتعلَّق بشيءٍ مِنْ معنى الترجمة، قال: وفي رواية النَّسَفي فيه (بَابٌ). قلت: ولعلَّ وجهه _والله أعلم_ لينبِّه عَلَى أنَّ الصُّفرة للمتزوِّج ليست قصدًا، فتُركت في هذا، وقد يقع كما في الحديث قبله، قال المُهَلَّب: اختُلف في حديث أنسٍ في ذكر الصُّفرة، فرُوي: وبه أثرُ صُفرةٍ، وبه وضر صفرةٍ، قلتُ: لا اختلاف بل هما واحدٌ في المعنى، ورُوي: فرأى عليه بشاشة العروس، فسأله.
          ورواية: رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَان، دالٌّ على أنَّها ممَّا التصق بجسمه مِنَ الثِّياب المزعفرة الَّتي تلبسها العروس.
          وقيل: إنَّ مَنْ كان ينكح في أوَّل الإسلام يلبس ثوبًا مصبوغًا بصُفرةٍ، مِنْ علامة العرس والسُّرور، ألا ترى قولَه: فرأى عليه بشاشة العروس، وقيل: إنَّما كان يلبسُها ليعينه النَّاس عَلَى وليمته ومؤنته، وقد قال ابن عبَّاسٍ: أحسن الألوان كلِّها الصُّفرة لقوله تعالى: {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} [البقرة:69] فقرنَ السُّرور بالصُّفرة. وكان ◙ يحبُّ الصُّفرة، ألا ترى قولَ ابن عمر حين سُئل عن صبغه بها، فقال: إنِّي رأيت النَّبيَّ صلعم يصبغ بالصُّفرة، فأنا أصبغ بها وأحبُّها، وسيأتي مَنْ أحبَّها ومَنْ كرهها مِنَ العلماء في اللِّباس إن شاء الله تعالى.
          والحديثُ دالٌّ أنَّ نهيَه الرِّجالَ عن المُزَعْفَر ليس عَلَى وجه التَّحريم، وإنَّما ذَلِكَ مِنْ وجهٍ دون وجهٍ، كذا في ابن بَطَّالٍ، والنَّهي محمولٌ عَلَى مَنْ قصده، ونقل ابنُ عبد البرِّ عن الزُّهْريِّ أنَّ الصَّحابة كانوا يتخلَّقون ولا يرَون به بأسًا، وقال ابن شعبان: هذا جائزٌ عند أصحابنا في الثِّياب دون الجسد، وكره أبو حنيفة والشَّافعيُّ وأصحابهما أن يصبغ الرَّجل ثيابَه أو لحيتَه بالزَّعْفَران لحديث أنسٍ: نهى رسول الله صلعم أن يَتَزَعْفَرَ الرَّجلُ، وقد سلف في الحجِّ طرفٌ مِنْ هذا، ورُوِّينا بإسنادنا إلى التِّرْمِذيِّ في «شمائله» مِنْ حديث قَيْلَة قالت: رأيت النَّبِيَّ صلعم وعليه أَسْمَالُ مُلَاتَيْنِ كانتا بزَعْفران وقد نفضته)).
          فائدةٌ: ذكر الزُّبَير أنَّ المرأةَ الَّتي تزوَّجها عبد الرَّحْمَن ابنةُ أبي الحَيْسَر، واسمه أنس بن رافعٍ.