التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب دخول الرجل على نسائه في اليوم

          ░103▒ (بَابُ دُخُولِ الرَّجُلِ عَلَى نِسَائِهِ فِي الْيَوْمِ)
          5216- ذكر فيه حديثَ عَائِشَةَ ♦ قالت: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الْعَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ، فَيَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ فَاحْتَبَسَ أَكْثَرَ مَا كَانَ يَحْتَبِسُ).
          قال الدَّاوديُّ: جعل ما بعد العصرِ مُلغًى، وأجاز مالكٌ عند محمَّدٍ أن يأتي الأخرى في حاجةٍ، وليضع ثيابه إذا كان على غير ميلٍ، وقال أيضًا: لا يُقيم عند إحداهما إلَّا مِن عُذرٍ، وقال ابن المَاجِشُون: لا بأس أن يقف بباب إحداهما ويسلِّم مِن غير أن يدخلَ وأن يأكل ممَّا تبعثُ إليه، قال المُهلَّب: هذا إنَّما كان يفعله ◙ نادرًا ولم يكن يفعله أبدَ الدَّهر، وإنَّما كان يفعله لمَّا أباح الله له بقوله: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب:51]، فكان يُذكرهنَّ بهذا الفعل في الغبِّ إفضالَه عليهنَّ في العدل بينهنَّ؛ لئلَّا يظنُّونَ أنَّ القِسْمةَ حقٌّ لهنَّ عليه.
          وقال غيره: ليس حقيقةُ القَسْم بين النِّساء إلَّا في اللَّيلِ خاصَّةً؛ لأنَّ للرَّجل التَّصرُّفَ نهارَه في معيشته وما يحتاج إليه مِن أموره، فإذا كان دخوله عليها في غير يومها دخولًا خفيفًا في حاجةٍ يقضيها، فلا أعلم خِلافًا بين العلماء في جواز ذلك، ذكره ابن المَّوازِ عن مالكٍ، قال: لا يأتي إلى واحدةٍ مِن نسائه في يوم الأخرى إلَّا لحاجةٍ أو عيادةٍ، قال غيره: وأمَّا جلوسُه عندها ومحادثتُها تلذُّذًا بها فلا يجوز ذلك عندهم في غير يومها.
          فَصْلٌ: عِمَادُ القَسْم في حقِّ أغلب النَّاس اللَّيل، والنَّهار تبعٌ، وليس له الدُّخول في نوبةٍ على أخرى ليلًا إلَّا لضرورةٍ كالمرض المَخُوف ثمَّ إن طال مُكثُه قضى، وله الدُّخول نهارًا لوضعِ متاعٍ ونحوِه، وينبغي ألَّا يطول مكثَه، والأصحُّ عندنا أنَّه لا يقضى إذا دخل لحاجةٍ، وأنَّ له ما سوى الوطء مِن الاستمتاعات، وأنَّه يقضي إذا دخل بلا سببٍ.
          فَصْلٌ: لا يجبُ التَّسوية في الإقامة نهارًا.