التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب لبن الفحل

          ░22▒ (بَابُ: لَبَنِ الفَحْلِ).
          5103- ذكر فيه حديثَ عَائِشَةَ ♦: (أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي القُعَيسِ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا _وَهْوَ عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ_ بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الحِجَابُ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، فَلَمَّا جَاءَ النَّبيُّ صلعم أَخْبَرْتُهُ بِالَّذي صَنَعْتُ، فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ).
          سلف في الشَّهادات [خ¦2644]، وهو في تفسير سورة الأحزاب [خ¦4796]، وسلف أيضًا قريبًا [خ¦5099] باختلاف العلماء فيه وأنَّ الَّذي عليه الكافَّة أنَّه يحرم.
          وممَّن رُوي عنه ذلك عليٌّ وابن عبَّاسٍ وعطاءٌ وطاوسٌ، وإليه ذهب الأربعة والأوزاعيُّ والكوفيُّون وإسحاق وأبو ثَورٍ، وحديث الباب حجَّةٌ لهم لأنَّ عائشة كانت رضعت امرأةَ أبي القُعَيس بلبنه، فصار أبو القُعَيس أبًا لعائشة، وصار أخوه عمًّا لعائشة، فأشكل هذا على عائشة إذ لا رضاعة حقيقيَّة إلَّا مِنِ امرأةٍ لقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} الآية [النساء:23]، فلم ترَ للرَّجل حكمًا في الرَّضاع، فقالت: يا رسول الله، إنَّما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرَّجل، فأخبرها ◙ أنَّ لبن الفحل يحرِّم بقوله: (إنَّهُ عَمُّكِ فائْذَنِيْ لَهُ).
          قَالَ ابن المُنْذرِ: والسُّنَّة مستغنًى بها عمَّا سواها، ومِنْ جهة النَّظر أنَّ سبب اللَّبن هو ماء المرأة والرَّجل، فوجب أن يكون الرَّضاع منهما كما كان الولد لهما وإن اختلف سببهما، كما أنَّ الجدَّ لمَّا كان سببًا في الولد تعلَّق ولد الولد به كتعلُّقه بولده، كذلك حكم الرَّجل والمرأة، وقد سُئل ابن عبَّاسٍ عن رجلٍ له امرأتان، فأرضعت إحداهما غلامًا والأخرى جاريةً، فقال: لا يجوز للغلام أن يتزوَّج الجارية لأنَّ اللقاح واحدٌ _أي الأمَّهات_ وإن افترقن فإنَّ الأب واحدٌ الَّذي هو سبب اللَّبن للمرأتين، والغلام والجارية أخوان لأبٍ مِنَ الرَّضاعة، وقد سلف أيضًا.