التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا}

          ░81▒ بابُ قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم:6].
          5188- ذكر فيه حديث ابن عمر ☻ قال: قال: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ).
          الحديث سلف في الصَّلاة [خ¦893] والاستقراض [خ¦2409] والعتق [خ¦2554] وغير موضعٍ، وهو مفسِّرٌ للآية المذكورة لأنَّه أخبر ◙ أنَّ الرَّجل مسؤولٌ عن أهلِه، وإذا كان كذلك فواجبٌ عليه أن يعلِّمهم ما يَقِيهم مِنَ النَّار، وقال زيد بن أسلم: لمَّا نزلت هذِه الآية قالوا: يا رسول اللهِ، هذا وقينا أنفسنا، فكيف بأهلينا؟ قال: ((تأمرونهم بطاعة اللهِ، وتنهونهم عن معاصي اللهِ)) ورُوي ذلك عن عليٍّ.
          والرِّعاية منها ما هو واجبٌ، ومنها ما هو مندوبٌ كما نبَّه عليه سيِّدي عبد اللهِ بن أبي جمرة، فهي بمعنى الحفظ والأمانة، ومنه قولهم: رعاك اللهُ، أي: حفظك، وراعي الغنم: أي: الحافظ لها والأمين.
          قال: وهل يتعدَّى لأكثر ممَّا في الحديث أم لا؟ إن فُهمت العلَّة عدَّيناه، والحديث مِنْ باب التَّنبيه بالأكثر على الأقل إذ هي الأمانة والحفظ، وقواعد الشَّريعة مِنْ هذا كثيرٌ، والأهل في الحديث مبهمٌ فيُطلق على الزَّوجة، كقول أسامة في حديث الإفك: ((أهلك يا رسول اللهِ)) والأهل إنَّما تُطلق على مَنْ تلزمُه نفقتُه شرعًا كقول نوحٍ صلعم: {إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} [هود:45] وكقولِه في قصَّة أيوب صلعم: {وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ} [ص:35]. وكان الزَّوجة وولده، وقال في الحديث: (وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ) ولم يذكر: الأب راعٍ في مال ولده، لأنَّ الابن دخل في قوله: (أَهْلِهِ) والأهل تُطلق على العبد، قال: صلعم: ((سلمان مِنْ أهل البيت))، قال: وكان عبدًا له، أي: منتميًا إليه.