التوضيح لشرح الجامع البخاري

بابُ شهادة المرضعة

          ░23▒ (بَابُ: شَهَادَةِ المُرْضِعَةِ).
          5104- ذكر فيه حديثَ عقبة بن الحارث ☺ السَّالف في العلم [خ¦88] والشَّهادات [خ¦2640] والبيوع [خ¦2052].
          هذا الحديث أخذ به اللَّيث، واختُلف في مذهب مالكٍ في شهادةٍ واحدةٍ مع النِّسوة واثنين مع عدمه، هل يفرَّق بذلك أم لا؟ واختُلف في الأب والأمِّ إذا قالا ذلك قبل عقد النِّكاح؟
          ورُوي عن ابن عبَّاسٍ وطاوسٍ جواز شهادةِ واحدةٍ فيه إذا كانت مرضيَّةً، وتُستحلف مع شهادتها، وهو قول الزُّهْريِّ والأوزاعيِّ وأحمد وإسحاق عملًا بقوله فيه: (كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟!) ونهيُه عنها، وذُكر عن الأوزاعيِّ أنَّه أجاز شهادةَ امرأةٍ واحدةٍ في ذلك إذا شهدت قبل أن تتزوَّجه، فأمَّا بعده فلا، ورُوي عن عمر بن الخطَّاب أنَّه لا يقبل في ذلك إلَّا شهادة رجلين أو رجلٍ وامرأتين وهو قول الكوفيِّين، وقال مالكٌ: تُقبل شهادة امرأتين دون رجلٍ، وبه قَالَ الحكم، قال مالكٌ: إذا كان ذلك قد فشا وعُرف مِنْ قولهما، هذِه رواية ابن القاسم، وروى ابن وَهْبٍ أنَّه تقبل شهادة امرأتين، وإن لم يَفْشُ ذلك مِنْ قولهما.
          وقالت طائفةٌ: لا يقبل في ذلك أقلُّ مِنْ أربع نسوةٍ، رُوي ذلك عن عَطاءٍ والشَّعْبيِّ، وهو قول الشَّافعيِّ، قال: ولو شهد في ذلك رجلان أو رجلٌ وامرأتان لجاز، وتأوَّل أهلُ هذه المقالات غير / الأُولى.
          قوله: (كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟!) إنَّما هو على وجه التَّنزُّه والتَّورُّع لا على الإيجاب، وروى ابن مَهديٍّ عن حفص بن غياثٍ عن حلَّامٍ العبسيِّ عن رجلٍ مِنْ عبسٍ، قال: سألتُ عليًّا وابن عبَّاسٍ ♥ عن رجلٍ تزوَّج امرأتَه فجاءت امرأةٌ فزعمت أنَّها أرضعتهما، فقالا: يتنزَّه عنها فهو خيرٌ، وأمَّا أن يحرِّمها عليه حدٌّ فلا، وقال زيد بن أسلم: إنَّ عمر بن الخطَّاب لم يُجز شهادة امرأةٍ واحدةٍ في الرَّضاع، وأنَّه ◙ أُخبِرَ عن رضاع امرأةٍ فتبسَّم، وقال: (كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟!).