التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب قول الله تعالى: {الرجال قوامون على النساء}

          ░91▒ (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النِّساء:34])
          5201- ذكر فيه حديث سُلَيمانَ هو ابنُ بِلَالٍ، عَنْ حُمَيْدٍ: (عَنْ أَنَسٍ ☺ قَالَ: آلَى رَسُولُ اللهِ صلعم مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، فَقَعَدَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ، فَنَزَلَ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةٍ، فَقِيْلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ آلَيْتَ شَهْرًا، قَالَ: الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ).
          وقد سلف في الصَّوم [خ¦1911]، ومعنى هذا الباب أنَّ اللهَ تعالى أباح هِجْرانَ الأزواج عند نُشُوزِهنَّ، ورخَّص في ذلك عند ذنْبٍ أو معصيةٍ تكون منهنَّ، فالتَّرجمةُ مطابقةٌ لِمَا أوردَه لأنَّه في الآية الَّتي ذكر {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النِّساء:34]، وقد هَجَرَهنَّ ◙، وقال أهلُ التَّفسير في قول تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} [النِّساء:34]: يعني مَعصِيَتَهُنَّ لأزواجِهِنَّ، وأصلُ النُّشُوزِ الارتفاعُ، فَنُشُوزُ المرأةِ ارتفاعُهَا عن حقِّ زوجِهَا، وفَسَّرَ الشَّارِعُ مِقْدار ذلكَ الهِجْرانِ بإِيلائِهِ شَهْرًا حِيْنَ أَسَرَّ إلى حَفْصَةَ فأفْشَتْهُ لعائشةَ وتَظاهَرَتَا عليهِ، قِيل: إنَّهُ أَصابَ جاريتَهُ ماريَّةَ في بيتِ حَفْصَةَ وَيَوْمِهَا، وقالَ الزَّجَّاجُ: في يومِ عائشةَ. وذلك سَنةَ تِسْعٍ، وسَأَلَهَا أَنْ تَكْتُمَهُ فأَخْبَرَتْ بهِ عائشةَ، والأرجحُ أنَّهُ شَرِبَ عسلًا عندَ زينبَ، وذلك الهِجران لا يبلغُ به الأربعةَ أشهرٍ الَّتي ضربَها اللهُ أجلَ إعذار المولى، فأمرَ اللهُ أن يبدأ النِّساءَ بالموعظة أوَّلًا ثمَّ الهِجران بعدَهُ، فإن لم يَنْجَعَا فيهنَّ فالضَّرب، أي غير مبَرِّحٍ كما سيأتي.
          وقوله تعالى: ({بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ} [النساء:34]) يعني بما فضَّل الله به الرِّجالَ مِنَ القُوَّةِ على الكَسْب بالحِرَفِ وغيرها، / وبما أنفقوا مِن أموالهم في المُهُور وغيرها، فهذا يُوجبُ النَّفقةَ على الرِّجالِ للنِّساءِ.