التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الشغار

          ░28▒ (بَابُ: الشِّغَارِ).
          5112- (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ☻ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم نَهَى عَنِ الشِّغَارِ، وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآخَرُ ابنتَهُ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ).
          هذا الحديث أخرجه مسلمٌ أيضًا والأربعة، ولمَّا رواه الإسماعيليُّ مِنْ حديث مُحْرِز بن عَونٍ ومَعْن بن عيسى عن مالكٍ به إلى قوله، (الشِّغَارِ) قَالَ مُحْرِز: قَالَ مالكٌ: (وَالشِّغَارُ أَنْ يُزوِّجَ الرَّجلُ ابْنَتَهُ...)، وقال: قَالَ معنٌ: والشِّغار أن يزوِّج الرَّجل ابنة الرَّجل. وفي «الموطَّآت» للدَّارَقُطْنيِّ: حَدَّثنا أبو عليٍّ مُحمَّد بن سليمان، حَدَّثنا بُنْدَارٌ عن ابن مَهديٍّ عن مالكٍ: نُهي عن الشِّغار، قَالَ بُنْدارٌ: والشِّغار تقولُ: زوِّجني ابنتَك وأزوِّجُك ابنتي، وفي رواية خالد بن مَخْلَدٍ: قَالَ مالكٌ: سمعت أنَّ الشِّغار... فذكره، وفي روايةٍ للبخاريِّ [خ¦6960] ومسلمٍ أيضًا مِنْ حديث عبيد الله بن عمرَ: قلت لنافعٍ: ما الشِّغار؟ فقال... الحديث.
          وقال الخطيب: تفسير الشِّغار ليس مرفوعًا وإنَّما هو مِنْ قول مالكٍ وُصل بالمتن المرفوع، بيَّنَ ذَلِكَ القَعْنَبيُّ وابن مَهديٍّ ومُحْرِزٌ في روايتهم عن مالكٍ. قلت: وقد سلف في رواية ابن مَهديٍّ أنَّه مِنْ قول بُنْدارٍ، وكذا تقدَّم عن معنٍ، وقال الشَّافعيُّ: لا أدري تفسير الشِّغار في الحديث مِنْ رسول الله صلعم أو مِنِ ابن عمر أو مِنْ نافعٍ أو مِنْ مالكٍ.
          وفي «صحيح مسلمٍ»: ((لا شِغارَ في الإسلام))، وقد روى هذِه السُّنَّة _وهي مشهورةٌ_ جماعةٌ منهم:
          أبو هريرة: نهى رسول الله صلعم عن الشِّغار، والشِّغار أن يقول الرَّجل للرَّجل: زوِّجني ابنتك وأزوِّجك ابنتي، زوِّجني أختك وأزوِّجك أختي، أخرجه مسلمٌ.
          وجابرٌ مرفوعًا: نُهي عن الشِّغار، قَالَ البَيْهَقيُّ: ورواه نافع بن يزيد عن ابن جُرَيْجٍ عن أبي الزُّبَير عن جابرٍ بزيادة والشِّغَارُ أن يَنكح هذِه بهذِه بغيرِ صداقٍ، بُضْعُ هذِه صَداقُ هذِه، وبُضْعُ هذِه صَداقُ هذِه. قَالَ: يشبه إن كانت هذِه الرِّواية صحيحةً أن يكون هذا التَّفسير مِنْ قول ابن جُرَيْجٍ أو مَنْ فَوقَهُ.
          ولمَّا أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن نُمَيْرٍ وأبي أسامة عن عبيد الله بلفظ: نُهي عن الشِّغار، قَالَ: زاد ابن نُمَيْرٍ: الشِّغَارُ: أن يقولَ الرَّجل: زوِّجني ابنتك حتَّى أزوِّجك ابنتي، وزوِّجني أختك حتَّى أزوِّجك أختي.
          ولأبي داود بإسنادٍ جيِّدٍ: أنَّ العبَّاسَ بن عبد الله أنكح عبد الرَّحْمَن بن الحكم ابنتَه، وأنكحه عبد الرَّحْمَن ابنتَه، وكانا جعلا صداقًا، فكتب معاوية إلى مروان بن الحكم يأمره بالتَّفريق بينهما، وقال في كتابه: هذا الشِّغار الَّذي نهى عنه رسول الله، زاد أحمد في «مسنده»: ومعاوية خليفة. قَالَ الأَثْرم عنه: إذا كانا صداقًا فليس بشغارٍ إلَّا أنَّ الأحاديثَ كلَّها ليس كما روى ابن إسحاق في حديث معاوية، وابن إسحاق ليس ممَّن يُعتمد عَلَى حديثه.
          ولمَّا ذكره ابن حَزْمٍ قَالَ: هذا معاوية بحضرة الصَّحابة ولا نعلم له منهم مخالفٌ يفسخ هذا النِّكاح، وفيه ذكر الصَّداق، وهو خبرٌ صحيحٌ، وعبد الرَّحْمَن بن هُرْمُزَ راويه شاهدَ هذا الحكم بالمدينة لا سيَّما في هذِه القصَّة.
          وللتِّرْمِذِيِّ _وقال: صحيحٌ_ عن الحسن عن عِمران بن حُصَينٍ: قَالَ صلعم: ((لا شِغار في الإسلام))، ورواه أبو الشَّيخ مِنْ حديث حبيب بن أبي فُضَالة المالكيِّ، قَالَ: وقد سمع مِنْ عِمران، وللنَّسَائيِّ مِنْ حديث حُميدٍ عن أنسٍ مرفوعًا بنحوه، ثُمَّ قَالَ: هذا خطأٌ، والصَّواب الَّذي قبله، يعني مِنْ حديث عِمران، وأخرجه التِّرْمِذيُّ مِنْ هذا الوجه وصحَّحه، وأخرجه ابن ماجَهْ مِنْ حديث ثابتٍ عن أنسٍ وصحَّحه ابن حَزْمٍ، وأخرجه أبو الشَّيخ مِنْ حديث أبان وقتادة والأعمش عن أنسٍ، وعند أبي القاسم بن مُطَيْرٍ مِنْ طريق أمِّ يحيى امرأة وائل بن حُجْرٍ عن وائل قَالَ: وفي الكتاب الَّذي كتبه لي ولقومي: ((بسمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ، مِنْ مُحمَّدٍ رسولِ اللهِ إلى وائل بن حُجْرٍ والأقيال العَيَاهِلَة مِنْ حَضْرَمَوْتَ...))، فذكر حديثًا فيه: ((ولا شِغارَ في الإسلام))، قَالَ البَيْهَقيُّ: ورواه أولاد وائلٍ عن آبائهم، عن وائلٍ مرفوعًا.
          ولأبي الشَّيخ في كتاب «النِّكاح» بإسنادٍ جيِّدٍ مِنْ حديث أبي الحُصَين الحِمْيَريِّ عن أبي رُكَانَة: أنَّه صلعم نهى عن المشاغرة، والمُشاغرة: أن يقول الزَّوج: زوِّج هذا مِنْ هذا بلا مهرٍ.
          ومِنْ حديث كَثير بن عبد الله بن عمرو بن عوفٍ عن أبيه عن جدِّه رفعه: ((لا شِغار في الإسلام))، ومِنْ حديث / مُحمَّد بن يعقوب الزُّهْريِّ عن عبد الله بن الحارث الحِمْصيِّ عن عمرو بن شُعيبٍ عن أبيه عن جدِّه مرفوعًا بمثله.
          فصلٌ: اختلفوا كما قَالَ ابن المُنْذرِ في الرَّجل يتزوَّجُ الرَّجلُ ابنتَه عَلَى أن يزوِّجه الآخر ابنتَه، ويكون مهر كلِّ واحدٍة منهما نكاح الأخرى، فقالت طائفةٌ: النِّكاح جائزٌ، ولكلِّ واحدةٍ منهما صَداق مثلها، هذا قول عطاءٍ وعمرو بن دينارٍ والزُّهْريِّ واللَّيث ومكحولٍ والثَّوْريِّ والكوفيِّين، وإن طلَّقها قبل الدُّخول بها فلها المتعة في قول النُّعمان ويعقوب. وقالت طائفةٌ: عقد النِّكاح عَلَى الشِّغار باطلٌ، وهو كالنِّكاح الفاسد في كلِّ أحكامه، هذا قول الشَّافعيِّ وأحمد وإسحاق وأبي ثورٍ، وكان مالكٌ وأبو عُبيدٍ يقولان: نكاح الشِّغار مفسوخٌ عَلَى كلِّ حالٍ، ووقع في ابن بَطَّالٍ أنَّ بالأوَّل قَالَ أحمد وإسحاقُ وأبو ثورٍ.
          وفيه قولٌ ثالثٌ: وهو أنَّهما إن كانا لم يُدخل بهما فسخ، ويستقبل النِّكاح بالبيِّنة والمهر، وإن دخل فلهما مهرُ مثلهما، وهو قول الأوزاعيِّ.
          واختلفوا إذا قَالَ: أزوِّجك أختي عَلَى أن تزوِّجني أختك، عَلَى أن يسمِّيا لكلِّ واحدٍ منهما مهرًا، أو سمَّيا لإحداهما، فقالت طائفةٌ: ليس هذا بالشِّغار المنهيِّ عنه، والنِّكاح ثابتٌ والمهر فاسدٌ، ولكلِّ واحدةٍ منهما مهر مثلها إن دخل أو ماتت أو مات عنها، أو نصفه إن طلَّقها قبل أن يدخل بها، هذا قول الشَّافعيِّ وابنِ القاسم، وكرهَه مالكٌ ورآه مِنْ باب الشِّغار، وبمعناه قَالَ الأوزاعيُّ، وأجازه الكوفيُّون ولها ما سُمِّي لها، وقال أحمد بن حنبلٍ: إذا كان في الشِّغار صداقٌ فليس بشغارٍ.
          وحجَّة الَّذين قالوا: العقدُ في الشِّغار صحيحٌ والمهر فاسدٌ ويصحُّ بمهر المثل إجماعُ العلماء عَلَى أنَّ الخمر والخنزير لا يكون فيها مهرٌ لمسلمٍ، وكذلك الغرر والمجهول، وسائر ما نُهي عن ملكِه أو مُلِكَ عَلَى غير وجهه وسنَّته، وقام الإجماع عَلَى أنَّ النِّكاح عَلَى المهر الفاسد إذا فات بالدُّخول فلا يفسخ بفساد صداقِه، ويكون فيه مهر المثل، ولو لم يكن نكاحًا منعقدًا حلالًا ما صار نكاحًا بالدُّخول والأصل في ذَلِكَ أنَّ التَّزويج مضمَّن بنفسه لا بالعِوض فيه بدليل تجويز الله النِّكاحَ بغير صداقٍ لقوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة:236]، فلمَّا وقع الطَّلاقُ دلَّ على صحَّة النِّكاح دون تسميةِ صداقٍ، لأنَّ الطَّلاق غير واقعٍ إلَّا عَلَى الزَّوجات، وكونهنَّ زوجاتٍ دليلٌ عَلَى صحَّة النِّكاح بغير تسميةٍ.
          وحجَّة الَّذين أبطلوا النِّكاح ظاهرُ النَّهي عنه، والنَّهي يقتضي تحريم المنهيِّ عنه وفساده، قَالَ ابن المُنْذرِ: ودلَّ نهيه صلعم عنه عَلَى إغفال مَنْ زعم أنَّه يحلُّ ما أباحه الله في كتابه مِنْ عقد النِّكاح عَلَى غير صداقٍ معلومٍ، قياسًا عَلَى ما نهى عنه مِنَ الشِّغار، ولا يشتبه ما نهى الله عنه بما أباحه، وهذه غفلةٌ.
          فصلٌ: أصل الشِّغار في اللُّغة الرَّفع، مِنْ قولهم: شَغَرَ الكلب برجله: إذا رفعها ليبول، فكأنَّ المتناكحين رفعا المهر بينهما، وقال أبو زيدٍ: رفع رجله بال أو لم يبلْ. وعبارة صاحب «العين»: رفع إحدى رجليه ليبول، قال أبو زيدٍ: شَغَرَتِ المرأة شغورًا رفعت رجليها عند الجماع، وقيل: لأنَّه رفع العقد مِنَ الأصل، فارتفع النِّكاح والعقد معًا، وقيل: مِنْ شغر المكانُ: إذا خلا، لخُلوِّه عن الصَّداق أو عن الشَّرائط، وفي «الغريبين»: كان مِنْ أنكحة الجاهليَّة يقول الرَّجل للآخر: شاغِرْني وليَّتي بوليَّتك، لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يشغر إذا نكح، وعند القُرْطُبيِّ: عاوِضني، وقَالَ ابن سِيدَهْ: هو أن يتزوَّج الرَّجلُ امرأةً ما عَلَى أن يزوِّجك أخرى بغير مهرٍ، وخصَّ بعضُهم به القرائب فقال: لا يكون الشِّغار إلَّا أن تنكحه وليَّتك عَلَى أن ينكحك وليَّته. قَالَ أبو نصرٍ: وهو بكسر الشِّين، وهو في الشَّريعة أن يزوِّجه عَلَى أن يزوِّجه الآخر ابنته، ولا صداق بينهما، وإنَّما هو البُضع بالبُضع، قَالَ ابن قُتيبة: وكلٌّ منهما يشغر إذا نكح، وأصل الشِّغار للكلب كما سلف، فكنَّى بهذا عن النِّكاح إذا كان عَلَى هذا الوجه، وجُعل له عَلَمًا.
          قَالَ ابن حَزْمٍ: ولا يحلُّ هذا النِّكاح وهو أن يتزوَّج هذا وليَّةَ هذا، سواءٌ ذكرا في ذَلِكَ صداقًا لكلٍّ واحدٍ منهما، أو لأحدهما دون الآخر، أو لم يذكرا في شيءٍ مِنْ ذَلِكَ صداقًا، كلُّ ذَلِكَ سواءٌ يفسخ أبدًا، ولا نفقة فيه، ولا ميراث ولا صداق ولا شيء مِنْ أحكام الزَّوجيَّة، فإن كان عالمًا فعليه الحدُّ كاملًا، ولا يلحق به الولد، وإن كان جاهلًا فلا حدَّ عليه ويلحقه الولد، وكذلك المرأة، وكذلك إذا قَالَ: أزوِّجك ابنتي عَلَى أن تزوِّجني ابنتك بمئة دينارٍ فلا خير في ذَلِكَ.
          قال: ورُوِّينا مِنْ طريق عبد الرَّزَّاق عن ابن جُرَيْجٍ عن عَطاءٍ التَّفرقة بين النِّكاحين بعقد أحدهما بالآخر، ذكرا صداقًا أو لم يذكرا فأبطلَه، ومِنَ النِّكاحين لا يعقد أحدهما بالآخر فأجازه، قَالَ: وهو قولُنا، ولا نعلم عن أحدٍ مِنَ الصَّحابة والتَّابعين خلافًا لِما ذكرنا عن معاوية بن أبي سفيان _يعني الحديثَ قبلُ_ فلو خطب أحدهما إلى الآخر فزوَّجه، ثُمَّ خطب الآخر إليه فزوَّجه، فذلك جائزٌ ما لم يشترط أحدهما عَلَى الآخر أن يزوِّجه.
          وقال أبو عمرَ ابن عبد البرِّ: قام إجماع الفقهاء عَلَى أنَّ نكاح الشِّغار مكروهٌ ولا يجوز، وقال الخَطَّابيُّ لمَّا ذكر حديثَ معاويةَ: إذا وقع النِّكاح عَلَى هذِه الصِّفة كان باطلًا، لأنَّه صلعم نهى عنه، وأصل التَّزويج عَلَى الحظر، والحظر لا يرفع بالحظر، وإنَّما يرتَفِعُ بالإباحة، ولم يختلف الفقهاء أنَّ نهيه عن نكاح المرأة عَلَى عمَّتها وخالتها عَلَى التَّحريم، وكذلك نهيه عن نكاح المتعة فكذلك هذا.
          وكذا قَالَ ابن التِّينِ: لم يختلف العلماء في النَّهي لثبوت هذِه الأخبار، وأنَّ النَّهي فيه للتَّحريم، وإنَّما اختلفوا فيه إذا نزل، فقال مالكٌ: يُفسخ قبلُ وبعدُ، وقال عنه عليُّ بن زيادٍ: يثبت بالدُّخول ولها صداق المثل، وقال أبو حنيفة: العقد صحيحٌ والشَّرط باطلٌ.
          حجَّتنا الأخبار، قالوا: لا يُحتجُّ علينا بها لأنَّ نكاح الشِّغار هو الخالي مِنَ المهر، ونحن لا نخليه منه لأنَّ الشَّرط يسقط، ويجب المهر فيخرج العقد عن أن يكون شِغارًا، وجوابه: أنَّ النَّهي يتناول وقوع العقد عَلَى الصِّفة المذكورة فإسقاطهم المسمَّى وإيجابهم غيره لا يخرجه عن الفساد بمنزلة مَنْ باع درهمًا بدرهمين، فذكر له نهي الشَّارع عنه فأسقط أحد الدِّرهمين أنَّ ذَلِكَ لا يصحُّ، كذلك ما نحن فيه وفساده في عقدٍ، وذلك أنَّه ملَّك بضعَ ابنته لشخصين الرَّجل وابنته، وذلك يوجب فساد العقد لأنَّ المهر يجب أن يكون ملكًا للمنكوحة، فصار كما لو قَالَ لرجلين: زوَّجت ابنتي لكلِّ واحدٍ منكما، ولأنه عقد جعل فيه المعقود له معقودًا به، فلم يصحَّ، أصلُه: إذا قَالَ لعبده: زوَّجتك ابنتي عَلَى أن تكون رقبتُك مهرَها، ولأنَّه عقدٌ شُرِطَ فيه المعقود به لغير المعقود له، فلم يصحَّ، أصله: إذا قَالَ: بعتك عبدي هذا عَلَى أن يكون ملكًا لزيدٍ.
          قَالَ الشَّيخ أبو الحسن: وإنَّما / اختَلف قول مالكٍ في فسخه بَعْدُ لاختلاف النَّاس في تأويل الشِّغار، لأنَّ المتَّفق عليه النَّهي، وباقيه مِنْ تفسير نافعٍ.
          قلت: وإليه أشار مسلمٌ وأبو داود، وحسَّنه التِّرْمِذيُّ، وعلى كلِّ حالٍ إن كان مرفوعًا فناهيك، وإن كان مِنَ الصَّحابيِّ فهو أولى مِنْ تفسير غيره، وكذا مِنْ قول الرَّاوي، والشِّغار في الأختين كالبنتين، وكذا فسَّره أبو داود عن نافعٍ، وغلط مَنْ خصَّه بالثَّاني معلِّلًا بأنَّه يحتاج إلى رضاها، وقيل: يفسخ قبل ويثبت بعد، على الخلاف في ذَلِكَ، وقد جعل مالكٌ في «المدوَّنة» الشِّغارَ في المولاتين كالابنتين، وذكر بعض البغاددة أنَّ فساده في صداقه.