التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: يقل الرجال ويكثر النساء

          ░110▒ (بَابٌ: يَقِلُّ الرِّجَالُ وَيَكْثُرُ النِّسَاءُ.
          وَقَالَ أَبُو مُوسَى: عَنِ النَّبيِّ صلعم: وَتَرَى الرَّجُلَ الْوَاحِدَ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً يَلُذْنَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ).
          5231- ثُمَّ ساق حديثَ أنَسٍ ☺: قال النَّبيُّ صلعم: (إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ...) الحديثُ، وذكر فيه خمسين امرأةً.
          أمَّا التَّعليق فيأتي في الفِتن مسندًا [خ¦1414]، وحديث أنسٍ سلف في العِلْم [خ¦80]، وساقَه هناك مِن حديثِ شُعْبَةَ، عن قَتَادَة، عن أنسٍ، وهنا مِن حديثِ هِشَامٍ / عن قَتَادَة به، كذا في الأصول: (هِشَامٌ)، وقال الجيَّانيُّ: عن أبي أحمدَ همَّامِ، قال: وكتب الأَصِيليُّ في حاشية كتابه: في كُتُب بعض أصحابِنا: <عَنْ أَبِي زَيْدٍ هِشَامٍ>، وقال: ما أُراه إلَّا صحيحًا، قال أبو عليٍّ: وكذا رواه ابن السَّكَن، وأبو ذرٍّ عن مشايخه، وهو المحفوظ.
          فَصْلٌ: وجهُ دخول الحديث هنا لأجل كَثرةِ السَّرارِيِّ وقلَّةِ الأولياء في النِّكاح، وقيل: يريدُ مِن النِّساء والسَّراريِّ، وقيل: منهما ومَن يَلُذْنَ به مِن البنات والأخوات وشبهِهنَّ مِنَ القرابات.
          وقولُه في حديث أنسٍ: (لَا يُحَدِّثُكُمْ بِهِ أَحَدٌ غَيْرِي) يريد لتأخُّرِه بعد أكثرِ الصَّحابة لأنَّه تُوفِّي سنةَ ثلاثٍ أو اثنتين وتسعين، كما سلف، وهو آخر مَن مات بالبصرة مِن الصَّحابة، وقيل: هو آخرهم جميعًا موتًا.
          والأَشْرَاطُ العَلَاماتُ، واحدها شَرطٌ بفتح الراء.
          وقوله قبلُ: (أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ) قال الدَّاوديُّ: يعني أكثرَه. وفيه إخبار الشَّارع بمَّا يكون بعدَه مِن غير توقيتٍ وذلك مِن علاماتِ نُبوَّته، وقال الإمام أحمد: كلُّ حديثٍ بوقتيَّةٍ لا يصحُّ، حكاه ابن التِّين، قال المهلَّب: وهذا إنَّما يكون مِن أشراط السَّاعة كما أخبر الشَّارع، ويمكن أن تكون قلَّة الرِّجال مِن اشتداد الفِتن وترادفِ المِحَنِ فيُقتل الرِّجال.
          ويحتمل قوله: (الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ) معنيين، أحدهما: أن يكون قيِّمًا عليهنَّ وناظرًا لهنَّ وقائمًا بأمورهنَّ، ويحتمل اتباع النِّساء له على غير الحِلِّ، ويؤيِّد الأوَّل ما ذكرَه عليُّ بن مَعْبَدٍ بإسناده عن حُذَيفة قال: سمعتُ النَّبيَّ صلعم يقول: ((إذا عمَّتِ الفِتنةُ ميَّزَ اللهُ أصْفيَاءَه وأوْليَاءَه، حتَّى تطْهُرَ الأرضُ مِنْ المُنافقِين والفتَّانين، ويَتبَعُ الرَّجُلَ يومئذٍ خمسُون امرأةً، هذه تقولُ: يا عبدَ الله استُرْني، يا عبْد الله آوِني)).