إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب:{تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر...}

          ░2▒ هذا (بابٌ) بالتَّنوين، أي: في قولهِ تعالى: ({تَجْرِي}) السَّفينة ({بِأَعْيُنِنَا}) بمرأى منَّا، أي: محفوظة بحفظِنَا ({جَزَاء}) نصب على المفعول(1) له، ناصبه {فَفَتَحْنَا} وما بعدَه، أو على المصدرِ بفعلٍ مقدَّرٍ، أي: جزيناهُم(2) جزاءً ({لِّمَن كَانَ كُفِرَ}) أي: فعلنا ذلك جزاءً لنوحٍ؛ لأنَّه نعمةٌ كفروهَا، فإنَّ كلَّ نبيٍّ نعمةٌ من الله على أمَّتهِ ({وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا}) السَّفينة أو الفعلة ({آيَةً}) لمن يعتبرُ حتَّى شاعَ خبرُها واستمرَّ ({فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ}[القمر:14-15]) متَّعظٍ، وسقطَ لأبي ذرٍّ «{وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا}...» إلى آخره، ولغيره لفظ: ”باب“.
          (قَالَ قَتَادَةُ) فيما وصلهُ عبد الرَّزَّاق: (أَبْقَى اللهُ سَفِينَةَ نُوحٍ حَتَّى أَدْرَكَهَا أَوَائِلُ هَذِهِ الأُمَّةِ) وزاد عبد الرَّزَّاق: على الجودِيِّ. وعند ابنِ أبي حاتمٍ عنه قال: أبقى الله السَّفينةَ في أرضِ الجزيرةِ عبرةً وآيةً حتَّى نظرتْ إليها أوائلُ هذه الأمَّةِ، وكم من سفينةٍ بعدها صارت رمادًا. وقال ابنُ كثيرٍ: الظَّاهر _يعني: من قوله: {وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً}_ أنَّ المراد من ذلك جنسُ السُّفنِ؛ لقوله(3) تعالى: {وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}[يس:41].


[1] في (د): «المفعولية».
[2] في (ص) و(م): «جازيناهم».
[3] في (ب) و(س): «كقوله»، وكذا في تفسير ابن كثير.