إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدًا

          4844- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ) بن الحصينِ(1) أبو إسحاقَ (السُّلَمِيُّ) بضم السين وفتح اللَّام، السُّـَرْماريُّ البخاريُّ، نسبة إلى سَرماري _بفتح السين_ قريةٌ من قرى بخارَى قال: (حَدَّثَنَا يَعْلَى) بفتح التحتية وسكون المهملة وفتح اللام، ابن عبيدٍ(2) الطَّنافسيُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ) بكسر السين(3) المهملة وبعد التحتية المخففة ألف فهاء منوَّنة، فارسيٌّ معرَّب معناه الأسودُ (عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ) واسمه: قيسُ بن دينار الكوفيُّ، أنَّه (قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ) بالهمزة، شقيقَ بن سلمةَ (أَسْأَلُهُ) لم يذكرِ المسؤول عنه، وفي روايةِ أحمد: أتيتُ أبا وائلٍ في مسجدِ أهلهِ أسألهُ عن هؤلاء القوم الَّذين قتلهُم عليٌّ؛ يعني: الخوارج (فَقَالَ: كُنَّا بِصِفِّينَ) بكسر الصاد المهملة والفاء المشددة، موضعٌ بقرب الفراتِ، كان به الوقعة بين عليٍّ ومعاوية (فَقَالَ رَجُلٌ) هو: عبدُ الله بن الكوَّاء: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ(4) يُدْعَوْنَ) بضم الياء وفتح العين، وفي «اليونينية» بفتح الياء وضم العين (إِلَى كِتَابِ اللهِ تَعَالَى؟(5) فَقَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ) أنا أولى بالإجابة إذا دعيتُ إلى العملِ بكتاب الله، وعند النَّسائيِّ بعد قوله: بصِفَّين: فلما استحرَّ القتلُ بأهل الشَّامِ، قال عمرو بن العاصِ لمعاويةَ: أرسل المصحفَ إلى عليٍّ فادعهُ إلى كتابِ الله، فإنَّه لن يأبى عليكَ، فأتى به رجلٌ فقال: بيننا وبينكُم كتاب الله. فقال عليٌّ: أنا أولى بذلك، بيننا كتابُ الله، فجاءتهُ الخوارجُ _ونحن نسميهم يومئذ القرَّاء_ وسيوفهُم على عواتقِهم، فقالوا: يا أميرَ المؤمنينَ، ما ننتظرُ لهؤلاءِ القومِ، أَلَا نمشي إليهم بسيوفنَا؟ (فَقَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ) بضم الحاء المهملة(6) وفتح النون‼: (اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ) في هذا الرأي، وإنَّما قال ذلك لأنَّ كثيرًا منهم أنكرُوا التَّحكيمَ، وقالوا: لا حكمَ إلَّا للهِ، فقال عليٌّ: كلمةُ حقٍّ أريدَ بها باطلٌ (فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا) يريد رأيتُ أنفسنا (يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، يَعْنِي: الصُّلْحَ الَّذِي كَانَ بَيْنَ النَّبيِّ صلعم وَ) بين (المُشْرِكِينَ، وَلَوْ نَرَى) بنون المتكلم مع غيره (قِتَالًا لَقَاتَلْنَا، فَجَاءَ عُمَرُ) إلى النَّبيِّ صلعم (فَقَالَ: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَهُمْ) يريد المشركينَ (عَلَى البَاطِلِ؟ أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ) ╕ : (بَلَى، قَالَ) عمر: (فَفِيمَ أُعْطِي) بضم الهمزة وكسر الطاء، ولأبي ذرٍّ: ”نُعطِي“ «بالنون» بدل: «الهمزة»، (الدَّنِيَّةَ) بكسر النون وتشديد التحتية، أي: الخصلة الدنيَّةُ، وهي المصالحةُ بهذه الشُّروط الدَّالَّة على العجزِ (في دينِنَا وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللهُ بَيْنَنَا؟ فَقَالَ) ╕ : (يَا ابْنَ الخَطَّابِ؛ إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللهُ أَبَدًا. فَرَجَعَ) عمرُ حال كونه (مُتَغَيِّظًا) لأجل إذلالِ المشركينَ، كما عرف من قوَّته في نصرةِ الدِّينِ(7) وإذلالِ المشركين (فَلَمْ يَصْبِرْ حَتَّى جَاءَ أَبَا بَكْرٍ) ☻ (فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَهُمْ عَلَى البَاطِلِ؟ قَالَ: يَا ابْنَ الخَطَّابِ، إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ صلعم ) سقطتِ التَّصلية لأبي ذرٍّ (وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللهُ أَبَدًا، فَنَزَلَتْ سُورَةُ الفَتْحِ) ومراد سهل بن حُنَيفٍ بما ذكره: أنَّهم أرادُوا يومَ الحديبية أن يقاتلُوا ويخالفُوا ما دعوا إليه من الصُّلح، ثمَّ ظهر أنَّ الأصلحَ كان ما شرعهُ الرَّسول صلعم من الصُّلح(8)؛ ليقتدُوا بذلك ويطيعوا عليًّا فيما أجاب إليه من التَّحكيم. /


[1] في (ب) و(د): «الحسين».
[2] في (د): «عبدالله».
[3] «السين»: زيادة من (م).
[4] في (د) زيادة: «أوتوا نصيبًا من الكتاب».
[5] قوله: «تعالى»: ليست في (ص).
[6] قوله: «المهملة»: زيادة من (م).
[7] قوله: «لأجل إذلالِ المشركينَ، كما عرف من قوَّته في»: ليس في (د) وفيه: «متغيظًا لنصرة الدين».
[8] قوله: «ظهر أنَّ الأصلحَ كان ما شرعهُ الرَّسول صلعم من الصُّلح»: ليس في (د).