إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: بين النفختين أربعون

          4814- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثني“ بالإفراد (عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ) بضم العين، قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”قال: قَالَ“ (أَبِي) حفصُ بنُ غياث بنِ طلقٍ النَّخعيُّ الكوفيُّ قال: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ) سليمانُ بن مهران (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ) ذكوان السَّمَّان (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ) ☺ (عَنِ النَّبيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”ما بينَ النَّفختينِ“ أي: نفخةَ الإماتةِ ونفخةَ البعثِ (أَرْبَعُونَ، قَالُوا) أي: أصحابُ أبي هريرة، ولم يعرف الحافظُ ابن حجرٍ اسم أحدٍ منهم (يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قَالَ) أبو هريرة: (أَبَيْتُ) بموحدةٍ، أي: امتنعت عن تعيين ذلك (قَالَ) أي: السَّائلُ: (أَرْبَعُونَ سَنَةً؟ قَالَ) أبو هريرة: (أَبَيْتُ. قَالَ) السَّائلُ(1): (أَرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قَالَ) أبو هريرة: (أَبَيْتُ) أي: امتنعتُ عن تعيينِ ذلك؛ لأنِّي لا أدرِي الأربعين الفاصلة بين النَّفختينِ أأيَّامٌ أم سنونٌ أم شهورٌ، وعند ابنِ مَرْدويه من طريق زيدِ بنِ أسلمَ عن أبي هُريرة قال: بين النَّفختينِ أربعون، قالوا: أربعونَ ماذا؟ قال: هكذا سمعت. وعنده أيضًا من وجه ضعيفٍ عن ابنِ عبَّاس قال: بين النَّفختينِ أربعون سنة، وعند ابن المبارك عن الحسن مرفوعًا: «بين النَّفختينِ أربعونَ سنةً، يميت اللهُ تعالى بها كل حيٍّ، والأخرى يحيي اللهُ تعالى بها كلَّ ميِّتٍ»، وقال الحليميُّ: اتَّفقتِ الرِّواياتُ على أنَّ بين النَّفختينِ أربعين سنةً، وفي «جامع ابن وهب»: أربعين جمعةً. وسندهُ منقطعٌ (وَيَبْلَى) بفتح أوَّله، أي: يفنَى (كُلُّ شَيْءٍ‼ مِنَ الإِنْسَانِ إِلَّا عَجْبَ ذَنَبِهِ) بفتح العين المهملة وسكون الجيم بعدها موحدة، ويقال: عجمَ _بالميم أيضًا_ وهو عظمٌ لطيفٌ في أصل الصُّلبِ؛ وهو رأسُ العصعصِ بين الأليتينِ، وعند أبي داود والحاكم وابن أبي الدُّنيا من حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ مرفوعًا: «إنَّه مثل حبَّة الخردلِ» ولمسلم من طريق أبي الزِّناد، عن الأعرجِ، عن أبي هريرة: «كلُّ ابنِ آدمَ يأكلُهُ التُّرابُ إلَّا عجب الذَّنبِ»(2) (فِيهِ يُرَكَّبُ الخَلْقُ) ولمسلم أيضًا من طريق همَّام، عن أبي هُريرة: «إنَّ في الإنسانِ عَظمًا لا تأكلُهُ الأرضُ أبدًا، فيه يركَّبُ يوم القيامة»، قال: أيُّ عظمٍ؟ قال: «عَجْبُ الذَّنب». وهو يردُّ على المزنيِّ حيث قال: إنَّ(3) «إلَّا» هنا بمعنى الواو، أي: وعجبُ الذَّنبِ أيضًا يبلى.
          وقوله: «يبلى كلُّ شيءٍ من الإنسانِ» عامٌّ يختصُّ(4) منه الأنبياءُ؛ لأنَّ الأرضَ لا تأكلُ أجسادهم، وقد ألحق ابنُ عبد البَرِّ بهم الشُّهداءَ(5)، والقرطبيُّ المؤذِّنَ المحتسبَ. /


[1] في (د): «أي السائل».
[2] قوله: «الذنب»: ضرب عليها في (م).
[3] قوله: «إن»: ليست في (ص).
[4] في (ب) و(س): «يخص».
[5] في (م): «الشهيد».