إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قوله: {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه...}

          ░3▒ (باب قَوْلِهِ) تعالى: ({وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}) القَبضَةُ: بفتح القاف، المرَّة من القبضِ، أطلقتْ بمعنى القُبضة بالضَّم؛ وهي المقدارُ المقبوضُ بالكفِّ، تسميةً بالمصدرِ، أو بتقدير: ذات قبضة(1) ({وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}) قال ابنُ عطيَّة: اليمينُ هنا والقبضةُ عبارة عن القدرةِ، وما اختلجَ في الصُّدورِ من غير ذلك باطلٌ، وما ذهبَ إليه القاضِي _يعني: أبا الطَّيب_ من أنَّها صفاتٌ زائدةٌ على صفاتِ الذَّاتِ قولٌ ضعيفٌ، وبحسب ما يختلج في النُّفوس، قال ╡: ({سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[الزمر:67]) أي: هو منزَّهٌ عن جميعِ ما وصفَ(2) به المجسِّمون(3) المشبِّهون، وتأكيد الأرض بالجميع؛ لأنَّ المرادَ بها الأرضون السَّبع، أو جميعُ أبعَاضِها الباديةِ والغائرةِ، وخصَّ ذلك بيوم القيامةِ؛ ليدلَّ على أنَّه كما ظهرَ كمال قدرتهِ في الإيجادِ عند عمارةِ الدُّنيا؛ يظهر كمال قدرتهِ في الإعدامِ عند خرابِ الدُّنيا(4)، وسقطَ لأبي ذرٍّ قوله: «{وَالسَّماوَاتُ}...»‼ إلى آخره.


[1] في (س): «قبضته».
[2] في (م) و(ب): «وصفه».
[3] في (م) و(د): «المنجمون»، وكتب على هامش (م): في نسخة: «المجسمون».
[4] قوله: «وتأكيد الأرض بالجميع... عند خراب الدُّنيا»، وقع في (م) و(ص) و(د): في نهاية الحديث التَّالي.