إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب:{فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما}

          ░3▒ هذا (بابٌ) بالتَّنوين (قوله) ╡: ({فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا}) أي: مجمع البحرين، و{بَيْنِهِمَا}: ظرفٌ أُضيفَ إليه على الاتساع ({نَسِيَا حُوتَهُمَا}[الكهف:61]) نسي يوشعُ أنْ يَذْكُرَ لموسى ما رأى من حياة الحوت ووقوعه في البحر، ونسي موسى أن يطلبه ويتعرَّف حاله؛ ليشاهد منه تلك الأمارة التي جعلت لها، وذلك أنَّ موسى ◙ وُعِدَ أنَّ لقاء الخضر عند مجمع البحرين كما مَرَّ، وأنَّ فَقْدَ الحوتِ علامةٌ للقائه، فلمَّا‼ بلغ الموعد؛ كان مِن حقِّهما أن يتفقدا أمر الحوت، أمَّا الفتى فلكونه كان خادمًا له وكان عليه أن يقدِّمه بين يديه، وأمَّا موسى فلكونه كان أميرًا عليه(1) كان عليه أن يأمُرَه بإحضاره، فنسي كلُّ واحدٍ ما عليه، وإنَّما احتيج إلى التَّأويل؛ لأنَّ النِّسيان لا يتعلَّقُ بالذَّوات، كما سبق عن الرَّاغب في تعريفه النِّسيان: تركُ ضَبْطِ ما استَودع، إمَّا لضعف قلبه، وإما عن غفلة أو عن قَصْدٍ، حتى يحذف عن القلب ذكره، قاله في «فتوح الغيب» ({فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ} سَرْبًا) بسكون الرَّاء في الفرع كأصله(2)، ولأبي ذَرٍّ: ”{سَرَبًا}[الكهف:61]“ بفتحها، أي: (مَذْهَبًا، يَسْرُبُ: يَسْلُكُ، وَمِنْهُ) أي: ومن «سربًا» قوله: ({وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ}[الرعد:10]) قال أبو عبيدة أي: سالك في سربه، أي: مذهبه، وسقط لفظ «باب» لغير أبي ذَرٍّ، وسقط له لفظ «قوله».


[1] في (ص): «فلكونه أميرًا عليه»، وفي (ب): «فلكونه كان أميرًا».
[2] «كأصله»: ليس في (د) و(م).