إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قوله:{وراودته التي هو في بيتها عن نفسه}

          ░4▒ (باب قوله) ╡: ({وَرَاوَدَتْهُ}) امرأة العزيز ({الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا}) بمصر ({عَن نَّفْسِهِ})‼، وذلك أنَّه كان في غاية الجمال والبهاء والكمال، فدعاها ذلك إلى أن طلبت منه برفقٍ ولينِ قولٍ أنْ يواقعها، والمراودة: المصدر، والرِّيادة: طلب النِّكاح، يقال: راود فلانٌ جاريته على(1) نفسها، وراودته هي عن نفسه؛ إذا حاول كلُّ واحدٍ(2) منهما الوطء، وتعدَّى هنا بـ {عَن} لأنَّه ضُمِّن معنى خادعَتْه، أي: خادعتْه عن نفسه، والمفاعلة هنا من واحدٍ؛ نحو: داويت المريض، ويحتمل أن تكون على بابها، فإنَّ كلًّا منهما كان يطلب من صاحبه شيئًا برفقٍ، هي تطلب منه الفعل، وهو يطلب منها التَّرك ({وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ}) قيل: كانت سبعةً، والتَّشديد للتَّكثير ({وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ}[يوسف:23]) ولأبي ذَرٍّ(3): ”{ هَيْتَ}“ بكسر الهاء، وهما(4) لغتان (وَقَالَ عِكْرِمَةُ) مولى ابن عبَّاسٍ: ({هَيْتَ لَكَ} بـ)ـاللُّغة (الحَوْرَانِيَّةِ) بالحاء المهملة: (هَلُمَّ) وهذا وصله ابن جريرٍ عن عكرمة عن ابن عبَّاسٍ، وقال أبو عبيد(5) القاسم بن سلامٍ: وكان الكسائيُّ يقول: هي لغةٌ لأهل حَوْران، وقعت إلى أهل الحجاز، وسقط «لك» لأبي ذر(6) (وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ) سعيدٌ، أي: (تَعَالَهْ) بهاء السَّكت، وهذا وصله الطَّبريُّ وأبو الشَّيخ من طريقه، وقال السُّدِّيُّ: معرَّبةٌ من القبطيَّة؛ بمعنى: هلمَّ لك، وقال ابن عبَّاسٍ والحسن: من السِّريانيَّة، وقيل: من العبرانيَّة، والجمهور على أنَّها عربيَّةٌ، وقال مجاهدٌ: هي كلمة حثٍّ وإقبالٍ، أي: أقبل وبادر، ثمَّ هي في بعض اللُّغات تتعيَّن فعليَّتها، وفي بعضها اسميَّتها، وفي بعضها يجوز الأمران؛ كما ستعرفه من القراءات إن شاء الله تعالى.


[1] في (ص): «عن».
[2] «واحدٍ»: ليس في (د) و(م).
[3] ضبط روايته في اليونينية بحذف { لَكَ} دون تغيير في حركة الهاء من {هَيْتَ}.
[4] في (د): «وهي».
[5] في (ب): «عبيدة»، وهو تحريفٌ.
[6] «وسقط لك لأبي ذرٍّ»: ليس في (د)، وفي (ب) و(س): «لك لابن عساكر»، وليس بصحيحٍ.