إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قوله:{قال بل سولت لكم أنفسكم أمرًا}

          ░3▒ (بابُ قولِهِ) تعالى: ({قَالَ}) أي: يعقوب لبَنِيْه: ({بَلْ سَوَّلَتْ}) / قبل هذه الجملة جملةٌ محذوفةٌ تقديرها(1): لم يأكله الذِّئب بل سوَّلت ({لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا}) في شأنه ({فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}[يوسف:18]) مبتدأٌ حُذِف خبره، أي: صبرٌ جميلٌ أَمْثَلُ بي، أو خبرٌ حُذِفَ مبتدؤه، أي: أمري صبرٌ جميلٌ، ورُوِيَ مرفوعًا: «الصَّبر الجميل هو الَّذي لا شكوى فيه، فمَن بَثَّ لم يصبر»، ويدلُّ له: { إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ}[يوسف:86] ودلَّ قوله: {جَمِيلٌ} على أنَّ الصَّبر قسمان: جميلٌ؛ وهو أن يعرف أنَّ مُنزِل ذلك البلاء هو الله تعالى المالك الَّذي لا اعتراض عليه في تصرُّفه‼، فيستغرق قلبه في هذا المقام، ويكون مانعًا له من الشِّكاية، وغير الجميل: هو الصَّبر لسائر الأغراض لا لأجل الرِّضا بقضاء الله سبحانه، وثبت قوله: «{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}» لأبي ذَرٍّ، وقوله: ”باب“ ولفظ(2) «قوله» له عن المُستملي، وسقط لغيره ({سَوَّلَتْ}) أي: (زَيَّنَتْ) وسهَّلت، قاله ابن عبَّاس.


[1] في غير (ب) و(س): «تقديره».
[2] «ولفظ»: ليس في (د).