إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قوله:{والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر}

          ░2▒ (بَابُ قَوْلِهِ) جلَّ وعلا: ({وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ}) أي: لا يعبدون غيرَه ({وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ}) يجوزُ أنْ تتعلَّقَ الباء في قوله: {بِالْحَقِّ} بنفس {يَقْتُلُونَ} أي: لا يقتلونها بسببٍ مِن الأسباب إلَّا بسبب الحقِّ، وأنْ تتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنَّها صفةٌ للمصدر، أي: قتلًا متلبسًا(1) بالحقِّ، أو على أنَّها حالٌ، أي: إلَّا متلبسين بالحقِّ، فإن قلت(2): مَنْ حَلَّ قتلُه لا يدخُلُ في النفس المحرَّمة، فكيف يصحُّ هذا الاستثناء؟ أُجيب بأنَّ المقتضي لحُرمة القَتْل قائمٌ أبدًا، وجواز القتلِ إنَّما ثبت بمُعارضٍ، فقوله: {حَرَّمَ اللهُ} إشارةٌ إلى المقتضي، وقوله: { إِلَّا بِالْحَقِّ} إشارةٌ إلى المعارِض، والسببُ المبيحُ للقتلِ هو الرِّدَّة، والزنا بعدَ الإحصان، وقتلُ النفسِ المحرَّمة ({وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ}) إشارةٌ إلى جميع ما تقدَّم؛ لأنَّه بمعنى ما ذُكر؛ فلذلك وحَّدَ ({يَلْقَ أَثَامًا}[الفرقان:68] العُقُوبَةَ) قال:
جزى اللهُ ابنَ عُروةَ حيثُ أَمْسَى                     عُقوقًا والعُقوقُ له أثامُ
أي: عقوبة(3)، وقيل: هو الإثمُ نفسُه، أي: يَلْقَ جزاءَ إثمه(4)، فأطلق الإثم على جزائه، أو الآثام اسمٌ مِن أسماء جهنَّم، أو وادٍ أو بئرٌ فيها، و{يَلْقَ}: جُزِمَ بحذفِ الألف جزاءَ الشرط، وسقط لأبي ذرٍّ قوله: «{ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ}...» إلى آخره(5)، وقال بعد قوله: {النَّفْسَ}: ”الآية“، وسقط للأَصيليِّ «{وَلَا يَزْنُونَ}...» إلى آخر قوله: «العقوبة»(6).


[1] في غير (د): «ملتبسًا» كذا في الدر المصون.
[2] في (د) و(م): «قيل».
[3] في (ص): «عقبة».
[4] في غير (د) و(م): «إثم».
[5] في غير (د): «إلى آخر { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ}».
[6] قوله: «وسقط للأصيليِّ: {وَلَا يَزْنُونَ}... إلى آخر قوله: العقوبة»، سقط من (د).