إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قوله:{وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل}

          ░6▒ (باب قوله) تعالى: ({وَأَقِمِ الصَّلاَةَ}) المفروضة ({طَرَفَيِ النَّهَارِ}) ظرفٌ لـ {أَقِمِ} قال في «الدُّرِّ»: ويضعف أن يكون ظرفًا للصَّلاة، كأنَّه قيل: أقم الصَّلاة الواقعة في هذين الوقتين، والطَّرف وإن لم يكن ظرفًا لكنَّه لمَّا أُضيفَ إلى الظَّرف؛ أُعرب بإعرابه؛ كقوله: أتيت أوَّل النَّهار وآخرَه ونصفَ اللَّيل؛ بنصب هذه كلِّها على الظَّرف لمَّا أُضيفَت إليه وإن كانت ليست / موضوعةً للظَّرفيَّة ({وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ}) نصبُ نسقٍ على {طَرَفَيِ} فينتصب على الظَّرف(1)؛ إذ المراد به: ساعات اللَّيل القريبة، أو على المفعول به نسقًا على الصَّلاة، واختلف في طرفي النَّهار وزلف اللَّيل؛ فقيل: الطَّرف الأوَّل الصُّبح، والثَّاني الظُّهر والعصر، والزُّلف المغرب والعشاء وقيل: الطَّرف الأوَّل، الصُّبح والثَّاني العصر، والزُّلف المغرب والعشاء(2) وليست الظُّهر في هذه الآية على هذا القول بل في غيرها، وقيل: الطَّرفان الصُّبح والمغرب، وقيل غير ذلك، وأحسنُها الأوَّل ({ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ}) أي: تكفِّرها ({ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}[هود:114]) عظةٌ لمن يتَّعظ إذا وعظ ({وَزُلَفًا}) بفتح اللَّام، أي: (سَاعَاتٍ بَعْدَ سَاعَاتٍ) واحدتُها: زلفةٌ، أي: ساعةٌ ومنزلةٌ (وَمِنْهُ سُمِّيَتِ المُزْدَلِفَةُ) أي: لمجيء النَّاس إليها في ساعاتٍ من اللَّيل، أو لازدلافهم؛ يعني: لاقترابهم إلى الله، وحصول المنزلة لهم عنده فيها (الزُّلَفُ: مَنْزِلَةٌ بَعْدَ مَنْزِلَةٍ) فتكون بمعنى المنازل (وَأَمَّا زُلْفَى؛ فَمَصْدَرٌ مِنَ القُرْبَى) قال الله تعالى: {وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ}[ص:25] (ازْدَلَفُوا) بالدَّال بعد الزَّاي(3)، أي: (اجْتَمَعُوا، أَزْلَفْنَا) أي: (جَمَعْنَا) قال تعالى: {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ}[الشعراء:64] أي: جمعنا.


[1] في (ج): فينتصب الظرف.
[2] قوله: «وقيل: الطَّرف الأوَّل، الصُّبح والثَّاني العصر، والزُّلف المغرب والعشاء»، سقط من (ص).
[3] في (ص): «بالزَّاي بعد الدَّال»، ولا يصحُّ.