إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه

          4650- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”حدَّثني“ بالإفراد (الحَسَنُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ) الجَرَويُّ؛ بالجيم والرَّاء المفتوحتين، المصريُّ نزيل بغداد قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَحْيَى) المَعَافِريُّ؛ بفتح الميم والعين المهملة وكسر الفاء وبعدها راءٌ، البُرُلُّسيُّ قال: (حَدَّثَنَا حَيْوَةُ) بفتح الحاء المهملة والواو بينهما تحتيَّةٌ ساكنةٌ، ابن شُريحٍ؛ بالمعجمة(1) أوَّله والمهملة(2) آخره (عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو) بفتح الموحَّدة والعين، المعافريِّ (عَنْ بُكَيْرٍ) بضمِّ الموحَّدة مصغَّرًا، ابن عبد الله الأشجِّ (عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ☻ : أَنَّ رَجُلًا) هو حبَّانُ بالموحَّدة، صاحب الدَّثنيَّة، أو العلاء بن عِرارٍ؛ بمهملاتٍ الأولى مكسورةٌ، أو نافع بن الأزرق، أو الهيثم بن حنشٍ (جَاءَهُ) زاد في «البقرة» [خ¦4513]: «في فتنة ابن الزُّبير» (فَقَالَ) له: (يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَا تَسْمَعُ مَا ذَكَرَ اللهُ فِي كِتَابِهِ: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا...}) باغين بعضهم على بعضٍ (إِلَى آخِرِ الآيَةِ[الحجرات:9] فَمَا يَمْنَعُكَ أَلَّا تُقَاتِلَ كَمَا ذَكَرَ اللهُ فِي كِتَابِهِ؟) كلمة «لا» زائدة، كهي(3) في قوله: {مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ}[الأعراف:12] وكان لم يقاتل في حربٍ من الحروب الواقعة بين المسلمين؛ كصفِّين والجمل ومحاصرة ابن الزُّبير‼ (فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي؛ أَغْتَرُّ بِهَذِهِ الآيَةِ وَلَا أُقَاتِلُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَغْتَرَّ بِهَذِهِ الآيَةِ الَّتِي يَقُولُ اللهُ تَعَالَى) فيها: ({وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا...}[النساء:93] إِلَى آخِرِهَا) «أغتَّر» في هذين الموضعين بالغين المعجمة والفوقيَّة، من الاغترار، أي: تأويل هذه الآية: {وَإِن طَائِفَتَانِ} أحبُّ من تأويل الأخرى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا} التي فيها تغليظٌ شديدٌ وتهديدٌ عظيمٌ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: ”أُعيَّر“ بضمِّ الهمزة وفتح العين المهملة وتشديد / التَّحتيَّة في الموضعين (قَالَ) الرَّجل: (فَإِنَّ اللهَ) تعالى (يَقُولُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ}[الأنفال:39]) هذا موضع التَّرجمة (قَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَدْ(4) فَعَلْنَا) ذلك (عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلعم إِذْ) أي: حين (كَانَ الإِسْلَامُ قَلِيلًا، فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي دِينِهِ) بضمِّ الياء مبنيًّا للمفعول (إِمَّا يَقْتُلُوهُ وَإِمَّا يُوثِقُوهُ) بحذف نون الرَّفع، وهو موجودٌ في الكلام الفصيح نَثْرِه ونظمِه، كما قاله ابن مالك، ولأبي ذرٍّ: ”إمَّا(5) يقتلونه وإمَّا يوثقونه“ بإثبات النُّون(6) فيهما (حَتَّى كَثُرَ الإِسْلَامُ؛ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ، فَلَمَّا رَأَى) أي: الرَّجل (أَنَّهُ) أي: ابن عمر (لَا يُوَافِقُهُ فِيمَا يُرِيدُ) من القتال (قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ؟) وكَأنَّ السَّائل كان من الخوارج (قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا قَوْلِي فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ؟! أَمَّا عُثْمَانُ فَكَانَ(7) اللهُ قَدْ عَفَا عَنْهُ) لمَّا فرَّ يوم أُحُدٍ في قوله: {وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ (8)}[آل عمران:155] (فَكَرِهْتُمْ أَنْ تعْفُوْا عَنْهُ) بالفوقيَّة وسكون الواو، خطابًا للجماعة (وَأَمَّا عَلِيٌّ؛ فَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صلعم وَخَتَنُهُ) بفتح الخاء المعجمة(9) والمثنَّاة الفوقيَّة، أي: زوج ابنته (وَأَشَارَ بِيَدِهِ، وَهَذِهِ ابْنَتُهُ) بهمزة وصلٍ (أَوْ بِنْتُهُ) بتركها، والمراد بها: فاطمة، والشَّكُّ من الرَّاوي؛ محافظةً على نقل اللَّفظ على وجهه كما سمع، أي: هذه ابنة أو بنت رسول الله صلعم (حَيْثُ تَرَوْنَ) منزلها بين منازل أبيها، وفي روايةٍ(10): ”وهذه ابنته“ بالنُّون ”أو بيته“ بالتَّحتيَّة(11) بدلها، واحدُ البيوتِ، وشكَّ الرَّاوي فأتى باللَّفظين مع حرف الشَّكِّ؛ تحرُّجًا من أن يجزم بلفظٍ هو فيه شاكٌّ، وللكُشْمِيهَنيِّ: ”أو(12) أَبْيُتُه“ بهمزةٍ مفتوحةٍ فموحَّدةٍ ساكنةٍ فتحتيَّةٍ مضمومةٍ ففوقيَّةٍ؛ بلفظ جمع القلَّة في البيت، وهو شاذٌّ، قال في «المصابيح»: ويُروَى: ”هذه أبنيته أو بيته“ بفتح الموحَّدة؛ الأوَّل: جمع بناء، والثَّاني: واحد البيوت، وقال الحافظ ابن حجرٍ: في «مناقب عليٍّ» من(13) وجهٍ آخر ”هو ذاك بيته أوسط بيوت النَّبيِّ صلعم “ [خ¦3704]، وفي رواية النَّسائيِّ: «ولكن انظر إلى منزلته من رسول الله صلعم ، ليس في المسجد غير بيته» قال: وهذا يدلُّ على أنَّه تُصحِّف على بعض الرُّواة فقرأها: بنته؛ بموحَّدةٍ ثمَّ نونٌ، ثمَّ طرأ له الشَّكُّ فقال: بنته(14) أو بيته، والمعتمد أنَّه البيت فقط؛ لِمَا ذكرنا‼ من الرِّوايات المصرِّحة بذلك، وتأنيث اسم الإشارة باعتبار البقعة، وفيه: بيان قربه من النَّبيِّ صلعم مكانةً ومكانًا.


[1] في (د): «بمعجمةٍ».
[2] في (د): «وبالمهملة».
[3] في (ص): «كما هي».
[4] في (م): «وقد».
[5] «إمَّا»: ليس في (د) في الموضعين.
[6] في (ص): «بالنُّون»، وسقط منها: «بإثبات».
[7] في (س): «فكأنَّ».
[8] في (د) و(س): «عنكم»، وليس في (د) اسم الجلالة، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[9] «المعجمة»: ليس في (د).
[10] في غير (د) و(م): «والذي في اليونينيَّة وفرعها»، وكذا في (ص)، وفيها: «والفرع».
[11] في غير (د) و(م): «بالموحَّدة المكسورة».
[12] «أو»: ليس في (ب).
[13] «من»: ليس في (م).
[14] في (د): «ابنته».