إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر

          4648- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَحْمَدُ) غير منسوب، وقد جزم الحاكمان _أبو أحمد وأبو عبد الله_ أنَّه ابن(1) النَّضر بن عبد الوهَّاب النَّيسابوريُّ قال: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ) بضمِّ العين وفتح الموحَّدة مصغَّرًا، قال(2): (حَدَّثَنَا أَبِي) معاذ بن معاذ بن حسَّان العنبريُّ التَّميميُّ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ) بن دينارٍ تابعيٌّ صغيرٌ، زاد غير أبي ذرٍّ: ”هو ابن كُرْدِيدٍ“ بكافٍ مضمومةٍ فراءٍ ساكنةٍ فدالينِ الأولى مكسورةٌ بينهما تحتيَّةٌ ساكنةٌ (صَاحِبُِ الزِّيَادِيِّ) _بكسر الزَّاي وتخفيف التَّحتيَّة_ أنَّه (سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ☺ ) يقول: (قَالَ أَبُو جَهْلٍ) لعنه الله: ({اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ}) نُصِبَ خبرًا عن الكون، و {هُوَ} فصلٌ(3)، وقُرِئ بالرَّفع على أنَّ(4) { هُوَ} مبتدأٌ غير فصلٍ، و{الْحَقَّ}: خبره ({مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}) قال أبو عبيدة: كلُّ شيءٍ «أمطرت» فهو من العذاب، وما كان من الرَّحمة فهو «مطرت» (فَنَزَلَتْ: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الاية[الأنفال:33-34]) وسقط لأبي ذرٍّ «{وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ}...» إلى «{يَصُدُّونَ}» ويقول: ”إلى: {عَنِ (5) الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}“ وقد أورد ابن المنيِّر في «تفسيره» هنا سؤالًا _كما نقله عنه في «المصابيح»_ فقال: قد حكى الله عنهم هذا الكلام في هذه الآية‼؛ أي قوله: {اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ} الآيةَ، وهو من جنس نَظْم القرآن، فقد وُجِد فيه بعض التكلُّم ببعض القرآن، فكيف يتمُّ نفي المعارضة بالكلِّيَّة وقد وُجِد بعضها؟ ومنها حكاية الله عنهم في الإسراء →الآية:90←: {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا} وأجاب: بأنَّ الإتيان بمثل هذا(6) القدر من الكلام لا يكفي في حصول المعارضة؛ لأنَّ هذا المقدار قليلٌ لا يظهر فيه وجوه الفصاحة والبلاغة، قال العلَّامة البدر الدَّمامينيُّ: وهذا الجواب إنَّما يتمشَّى على القول بأنَّ التحدِّي إنَّما وقع بالسُّورة الطَّويلة التي يظهر منها(7) قوَّة الكلام.
          وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ في «ذكر المنافقين والكفَّار».


[1] في (د): «ابن»، وهو تحريفٌ.
[2] «قال»: سقط من (د).
[3] في (م): «فعل».
[4] في (ص): «أنه».
[5] { عَنِ}: ليس في (د).
[6] في (د): «الإتيان بهذا».
[7] في (د): «فيها».